رفاه الدروبي
ولدت حرفة «المينا» لأغراض جمالية، وطُبِّقت بدايةً على الذهب والفضة، ولاحقاً على النحاس والزجاج. والمينا الزجاجية عبارة عن مادة زجاجية توضع على سطح المعدن أو الزجاج ويتمَّ الحصول عليها بخلط مواد غير عضوية مصهورة بدرجات حرارة عالية لتكون المواد الخام، ثم يُلوَّن بأكاسيد معدنية ويزجج عند تبريده أو شيه مرَّة أخرى بعد تنظيفه وصقله ليعطي بريق الأحجار الكريمة.
التقت صحيفة الثورة بمدرِّبة حرفة المينا الدمشقية في مركز التدريب المجاني للحرف التراثية التقليدية اليدوية «رند الدبس» فأشارت إلى أنَّ «المينا الدمشقية» تتميَّز بزخارفها النباتية النافرة على الزجاج والنحاس، وتُطعَّم بالمينا على السطح مباشرة من دون استخدام أي حواجز على عكس تقنيات المينا الأخرى، وتتطلب حواجز باستخدام الأسلاك المعدنية أو تقنية الحفر لخلق نطاق يمنع المادة من التسرُّب، ذاكرة نوعين للمينا: «الحامية» وتحتاج للشي في الفرن كي تُزجَّج، و»الباردة» تحتاج من 12 إلى 24 ساعة لتتزجَّج دون الحاجة للشي. ولفتت إلى أنَّ مهد هذا الفن يعود إلى حوض البحر المتوسط، حسب المعتقدات مع بدء الحضارات المبكرة منذ القرن السادس قبل الميلاد، وحتى قبل ذلك، وتحديداً في جزيرة قبرص حيث كانت منطقة نفوذ فينيقية، ووجدت أقدم قطع للمادة فيها، ويرجع تاريخها إلى 1425 قبل الميلاد ويعود الفضل للفينيقيين بانتشاره في معظم أنحاء العالم، وخاصة باتجاه الغرب، كما ذُكِر في الحقبة الإسلامية لدى عدد من الباحثين، وأهمّها كان في العهد الفاطمي والمملوكي في سورية ومصر، وغلب عليه المينا السوداء المذهَّبة. ثم أوضحت الدبس خريجة كلية الفنون الجميلة أنَّها استُخدمت في عهد ممالك الأندلس على الحلي والخناجر والسروج والسيوف، وتوجد هناك بعض أعمال المينا الدمشقية العثمانية، منوِّهةً إلى تراجع استخدامها لأسباب عديدة، واندثرت الحرفة العريقة في دمشق في سبعينات القرن العشرين بوفاة آخر ممارسيها لويس الصراف، بينما يتمُّ استرجاعها حالياً من قبل مؤسسة «حلم للحرف التراثية التقليدية اليدوية» بتدرُّب الفئات الشابة على الحرفة منذ حوالي خمس سنوات، إضافة إلى إعداد مدرِّبين شباب آخرين يُمارسون ويُدرِّبون حرفاً دمشقية عريقة أخرى.
