الثورة- رفاه الدروبي:
«أرق من زجاج الشام» أنَّى ذُكرت العبارة لا بدَّ لنا أن نرى إبداع المشكاة الدمشقية المشهورة صناعتها في عهد المماليك، والتمعُّن بحرفية نفخها وجمال الزخرفة عليها.
بكلماتها الموجزة البليغة بدأت مدرِّبة الرسم على الزجاج في مركز التدريب المجاني للحرف التراثية التقليدية اليدوية المهندسة عائشة الألو.
وتابعت حديثها: إنَّها أجمل الآثار الدالة على الفن الرائع المشكاة الفريدة المحفوظة في متحف اللوفر بباريس، وتعود إلى العصر المملوكي، أوقفها الواعظ بن معتوق البزوري على قبر والده الكائن في جبل الصالحية بدمشق، وتعكس الجانب الفني للمشكاوات المملوكية المصنوعة في بلاد الشام.
كما أشارت خريجة هندسة الطب في جامعة دمشق «الألو» إلى أنَّ الرسم على الزجاج طريق مهمّ وأساسٍ في حياتها المهنية. تعلَّمتها على أيدي الحرفيين الرائدين في المجال عينه كبسام ريحان، أحمد الحلاق، والحرفية آني غاريبيان، موضِّحةً بأنَّ القطع الزجاجية المعروفة لم تكن مجردة من الزخارف بل امتدت يد الزجَّاج المحترف والفنان كي تُزَيِّن الأواني الزجاجية بزخارف كانت أشكالها في البداية مجرَّدة ومؤلفة من دوائر ذات مركز واحد منفوخة أو مصنوعة بمنقاش على سطح الآنية أو ملوَّنة بريشة، وكانت الزخارف من الزجاج الهلامي أو البارد ثم استطاع الزجَّاج ابتكار البريق المعدني لرصف الزجاج أو لتذهيبه وتمويهه.
ثم لفتت المهندسة عائشة إلى أنَّ العملية تتمُّ باستعمال ريشة دقيقة لرسم الخطوط، ثم تستعمل فرشاة للتلوين إمّا الذهبي أو الألوان الاعتيادية وحرقها بعد ذلك، مُبيِّنةً أنَّ للفن ذاته وهجاً كبيراً وامتداداً عالياً حتى انتشر من دمشق إلى العالم، وتمَّ التطوير على المواد الأولية المستخدمة فظهر الشق المستحدث منه المسُمَّى بالرسم البارد على الزجاج، ومنتوجاته تشبه إلى حدِّ ما منتجات الرسم الحامي، لكن دون الحاجة لحرق الألوان على سطح الزجاج.
خاتمة حديثها: إنَّه رغم تأثُّر منتجات الرسم البارد بالعوامل البيئية المحيطة إلا أنَّها لاقت انتشاراً واسعاً لسهولة التعامل معها ما سهَّل التطور نتيجة انتشار فن التصوير على الزجاج، حيث تعتبر إحدى الفنون القديمة ذات التاريخ العريق، لذا لاقت اهتماماً شعبياً واسعاً ولا سيَّما أنَّ ظهورها بدأ مع القصص الشعبية المكتوبة في المقاهي على لسان «الحكواتي».