التهافت الصارخ للغرف من قصعة إرضاء “إسرائيل” لخطب ود اللوبي الصهيوني المهيمن، وتقديم فروض الطاعة هو الطريق المعتاد الذي تسلكه الإدارات الأميركية المتعاقبة، ولو كلفها ذلك بيع حقوق إنسانية تدعي نصرتها في أسواق النخاسة الصهيونية، فحبال التودد الأميركي ممدودة فوق أنهار الدماء في غزة حتى لو لطخ عار الانخراط في الإبادة الجماعية الجبين الأميركي، فالدم الطاهر المسفوك بذخائر أميركية لن يغير في سياسة البيت الأبيض طالما أن مال اللوبي هو من يرسم خطوط خرائطها ومؤداها ويدمغ قراراتها.
تشارك أميركا نتنياهو اللعب على وقت مرحلي تستثمر فيه بمسألة الانتخابات، فاستراتيجيتها بدعم “إسرائيل” أمدها طويل وبلا سقوف مشروطة، ولن تغيرها أنهار دماء ولا حتى صرخات غضب الضمير الأميركي والعالمي ستخترق جدار الصمم الصهيو أميركي، وبناء على هذه الحقيقة تدرك واشنطن أن كل ما يقوم به نتنياهو رش لغبار الخداع في عيون عائلات الأسرى، وأنه لا يريد التوصل إلى اتفاق، ويسعى لإطالة أمد العدوان حتى ولو أدى ذلك إلى اندلاع حرب إقليمية فهو يرهن مصيره السياسي على حافة إشعال الحروب وتوسيع رقعتها، ورغم ذلك لم تستخدم إلى اللحظة الراهنة أي أدوات ضغط حقيقية لمنع توسيع رقعة الحرائق.
اللهو الأميركي بكرة الحلول واللعب على حبال اصطناع القلق حيال الكارثة الإنسانية في غزة بات مكشوفاً لن تجدي معه أقنعة دبلوماسية يرتديها ثعالب إدارة بايدن للتنصل من الشراكة الإجرامية.
ثمة من يقول إن الأفعى لو أطعمتها عسلاً لن تنفث إلا سموماً، فإن كانت إسرائيل هي الأفعى في منطقتنا وأميركا من يصنع لها سمومها في مختبراته، ويلمع لها أنيابها، فبالتالي إطعامها عسل المبادرات لن يجدي، وقطع ذيل الأفعى لا يعني اتقاء سمومها، وأي حديث يدور عن رغبة في وقف المذبحة كاذب، وحدها المقاومة تحمل ترياقها الخاص المضاد للسم الصهيوني الأميركي إلى حين قطع رأس الأفعى الصهيونية.