تزداد قناعة معظمنا بأن فشل الحكومة في التعامل مع العديد من القضايا والملفات المهمة التي أنيطت بها مرده عدم امتلاكها الروح الجماعية بالعمل وغياب المبادرات الخلاقة والإبداعية القادرة على التحايل على الظروف الراهنة مهما كانت صعبة.
هذا الواقع ترك أثره الكبير على القرارات والإجراءات العديدة المتسرعة وغير المدروسة التي اتخذت وزادت من الهم المعيشي للمواطنين بدلاً من معالجته أو التخفيف منه، وخلفت بالمقابل حالة من عدم الثقة، ولاسيما مع الإصرار على تجاهل التعامل بمبدأ الشفافية والمكاشفة تجاه مختلف القضايا الخدمية والاقتصادية التي تلامس الحياة اليومية للناس، كون نجاح أي حكومة يعتمد بالدرجة الأولى على كسب ثقة المواطن من خلال الشفافية والمصداقية ومشاركته على المستوى الفردي والمؤسساتي واحترام عقله.
ما حدث خلال الأيام الأخيرة من أزمة نقل خانقة عمت غالبية المحافظات السورية ونحن في بداية عام دراسي في المدارس والجامعات، ما يعني بالمنطق زيادة الطلب على وسائل النقل أمر يندرج ضمن الإجراءات غير المنطقية التي اتخذتها الجهات المعنية دون دراسة، فبدلاً من أن تكون مستعدة بكل إمكانياتها وكوادرها لتسهيل انطلاقة العام الدراسي بادرت لتخفيض مخصصات النقل للنصف في أيام العطل ونسبة 30 % خلال الأسبوع، وبغض النظرعن قلة المحروقات كان يفترض أن تعلم بضرورة توريد كميات من المحروقات لسد النقص والطلب المتزايد خلال هذه الفترة رغم ما قد يواجه عمليات التوريد كما هو معروف من صعوبات، ولكن لا شيء مستحيل عند التنظيم وإدارة الموارد بطريقة صحيحة ومدروسة.
هذه السيناريوهات المكررة باتت ملحوظة للناس، وهي من ساهمت بشكل كبير في فقدان الثقة بين المواطن والجهات التنفيذية فمن غير المقبول أن تربط بين توفير الخدمة له واستمرارها بزيادة سعرها، وكأنها ستأخذ برأيه بحال اقترح عدم الزيادة مع ضرورة توفير الخدمات .
من هنا وبينما تفصلنا أيام قليلة عن تشكيل حكومة جديدة، فإن الفرصة متاحة أمام من سيعمل بخدمة الناس للتغيير بما يحقق نتائج إيجابية وملموسة، خاصة وأن ما هو مطلوب كأولوية للحل والمعالجة معروف للجميع، والصورة واضحة تماماً، وينتظر التنفيذ فقط خلال فترة زمنية قصيرة.