ديب علي حسن
صلف وغرور وقتل ونار ودمار.. ألف مجزرة ومجزرة بكل يوم, ويخرج القاتل ليعلن أنه ما من مكان في العالم إلا وتصله يد الكيان الغاصب ، هي نشوة النهايات غرور الدمار, من يضرب بسيف أميركا ويعلن أنه قتل هذا ودمر تلك المدينة ويجري نحو المزيد ليس إلا وحشاً كاسراً يمضي نحو حتفه.
نعم قتلت وفعلت وصفق لك داعموك، أمدوك بكل وسائل الفتك، تذكر أنك استخدمت ٨٠ طناً من المتفجرات الشديدة للوصول إلى بطل لم يرهبه كل ما لديك بل كانت الشهادة غايته ومن يمضي معه في موكب اليقين.
هو الذي وقع بكلمات مختصرة وببلاغة التضحية يقيناً أننا سننتصر. وما أروع ما قاله توفيق زياد في هذا المعنى :
من هنا مروا إلى الشرق غماماً أسودَ، يطأون الزهرَ والأطفالَ والقمحَ وحباتِ الندى، ويبيضونَ عداواتٍ وحقداً وقبوراً ومِدى من هنا، سوف يعودونَ وإن طال المدى هكذا ماتَ، بلا نعيٍ على الرمل، شهيدْ طلقة في رأسه، صيحةُ قهرٍ ووعيدْ حفرَ القاتلُ في مدفعه رقماً جديداً ومضى يبحثُ مثل الذئبِ عن رقم جديدْ، وعلى بضعة أمتار بكى طفلٌ وليدْ عندما مرَّ على جبهته السمراء جنزير حديدْ
لا تقولوا لي: انتصرْنا، إن هذا النصر شرٌ من هزيمة، نحنُ لا ننظرُ للسطح ولكننا نرى عمقَ الجريمةْ، لا تقولوا لي: انتصرْنا إننا نعرفُها هذي الشطارةْ إننا نعرفه الحاوي الذي يعطي الإشارة! إنه سيّدكمْ يلهثُ في النزعِ الأخيرْ، إننا نسحبُه من أنفهِ سحبا إلى القبر الحقيرْما الذي خبأتموهُ لغدٍ؟ يا من سفكتم لي دمي وأخذتم ضوءَ عيني وصلبتم قلمي واغتصبتم حقَّ شعبٍ آمن لم يجرمِ . . ما الذي خبأتموه لغدٍ يا من أهنتم علمي وفتحتم في جراحاتي جراحاً وطعنتم حلمي ما الذي خبأتموه لغدٍ إن غداً لم يهزمِ!إنكم تحيون من عشرين عاماً حلمَ صيفٍ ذا رواءْ وتصيدون لأمر الغير في بحر دموعٍ ودماءْ، إنكم تبنون لليوم وأنّا غدٍ نعلي البناءْ إننا أعمقُ من بحرٍ، وأعلى من مصابيح السماءْ إن فينا نفساً أطول من هذا المدى الممتدِّ في قلبِ الفضاءْ أيّ أمٍ أورثتكم، يا ترى نصف القتال؟ أي أمٍ أورثتكم ضفة الأردنِّ،سيناءَ، وهاتيك الجبالْ؟ إن من يسلبُ حقاً بالقتالْ كيف يحمي حقّه يوماً إذا الميزانُ مالْ؟ ثم .. ماذا بعدُ؟ لا أدري، ولكنْ كلُّ ما أدريه أن الأرضَ حبلى والسنينْ، كل ما أدريه أن الحق لا يفنى ولا يقوى عليه غاصبون وعلى أرضيَ هذي لم يعمّرْ فاتحونْ فارفعوا أيديكمُ عن شعبنا لا تطعموا النار حطبْ كيف تحيون على ظهر سفينةْ وتعادون محيطاً من لهبْ؟ فارفعوا أيديكم عن شعبنا يا أيها الصمُّ الذين ملؤوا آذانَهم قطناً وطينْ إننا للمرة الألف نقولْ:نحن لا نأكلُ لحم الآخرين، نحن لا نذبحُ أطفالاً ولا نصرعُ ناساً آمنين، نحن لا ننهبُ بيتا أو جنى حقلٍ ولا نطفي عيونْ، نحن لا نسرقُ آثاراً قديمةْ نحن لا نعرف ما طعمُ الجريمةْ، نحن لا نحرقُ أسفاراً ولا نكسرُ أقلاماً، فارفعوا أيديكمُ عن شعبنا يا أيها الصم الذين ملؤوا آذانهم قطناً وطين.
إننا للمرة الألف نقول:لا! وحق الضوء من هذا التراب الحر لن نفقد ذرة! إننا لن ننحني للنار والفولاذ يوماً قيدَ شعرة!.