ندرك جيداً أن عسل الدعم الأميركي في فم الأفعى الإسرائيلية، وأن الأنياب الوحشية التي تغوص في جسد منطقتنا يتم شحذها على المسنات الأميركية، وأن الأوهام التوسعية التي لا تفارق ذهنية نتنياهو هي خرائط تريدها أميركا، وأن الوحش الإسرائيلي المنفلت من عقال المساءلة الأممية لم تلجمه يوماً واشنطن ولن تفعل، وإن راوغت بمبادرات كاملة السم العدائي ومنزوعة المصداقية، فما نراه وتوثقه عدسات الإعلام من فظائع وحشية مرتكبة في لبنان وغزة واعتداءات على الأراضي السورية هي مخططات مدمغة بالختم الأميركي تنفيذاً لتوصيات اللوبي الصهيوني.. ونعي أكثر بأن الحرائق التي يوسع رقعتها العدو الإسرائيلي بمنطقتنا يحضر الشيطان الأميركي في تفاصيلها إسناداً وانخراطاً وإمداداً تسليحياً غير محدود.
في المفاهيم العسكرية زيادة حدة القصف الجوي الهستيري وتوسيع رقعة الاستهداف والاغتيالات الجبانة يؤشر إلى محاولات الأعداء ترميم انكساراتهم، ومحاولة فرض معادلات لم يتمكنوا من فرضها في ميادين المعارك، فكلما زاد التسعير العدواني وزاد الحطب الأميركي في مرجل العدو الإسرائيلي، زاد يقيننا باتساع الهوة التي تفصل بين ما تريد فرضه أميركا و”إسرائيل” بقوة الحديد والنار وبين الواقع الحالي المعاكس للرغبات الصهيو أميركية الذي تثبتت خرائطه بمنطقتنا بمداميك التحالفات الاستراتيجية.
فواشنطن تدرك أن ميزان القوى العالمية بدأ يتعدل إعوجاجه بثقل نوعي لروسيا والصين وأن ساعات المنطقة تدور عكس العقارب الأميركية لذلك ترى أن نجاة المشروع الصهو أميركي في تأجيج الحرائق وتعزيز غرز المسمار الإسرائيلي في جدار المنطقة، وإعادة تفجير الأوضاع بأحزمة التعديات ونزع أي صواعق للاستقرار.
حديث بايدن عن التزامه المطلق بتكثيف تسليح “إسرائيل لحمايتها” وتصريحات البنتاغون حول تسليمها منظومة “ثاد” لاعتراض الصواريخ البالستية رغم ما يرتكبه العدو من مجازر بحق شعوب المنطقة، يؤكد مجدداً ليس الانخراط الأميركي الكامل في العدوان السافر على جنوب لبنان وغزة وعلى اتساع رقعة المحور المقاوم فحسب، بل يثبت أن المعارك الحالية هي معارك واشنطن أيضاً لتغيير ملامح الشرق الأوسط الحالية بالبارود المتفجر تماشياً مع غواياتها بالسطوة ووفقاً للأهواء الإسرائيلية وإنقاذ المشروع الصهيو أميركي المتعثر.
