النفخ في جمر التصعيد وترك حبل الإرهاب ممدوداً لنتنياهو على غارب وحشيته وإشعال المشهد الإقليمي بنار التعديات، هو ما تقوم به واشنطن لإعادة رسم لوحة المنطقة بمخالب التجبر والعدوان وإن راوغ ثعالب دبلوماسيتها بجولات مكوكية بمنطقتنا وبأحاديث عن تهدئات ترش فيها أميركا البارود المتفجر على نيران التسعير، فالحروب أكسير شركات سلاحها وملاذ واشنطن إن ساءت أجواء، سطوتها عالمياً وخسرت الكثير من أسهم قطبيتها الأحادية، لذلك وأكثر لن يطفئ بايدن حرائق يرى في تمددها ترياق إنعاش المشروع الصهيو أميركي الذي يعاني سكرات الموت.
فخريطة الشرق الأوسط المرسومة بألوان الهيمنة والمفصلة على مقاس الأطماع الأميركية ووفقاً لميول التوسع الصهيونية رغم كل التعثر على مطبات تكريسها مازالت هاجس حكام البيت الأبيض، إذ يرون في رسمها بألوان الدم وبأقلام الانتهاكات وسيلة لفرض تسلط مفقود على قرارات دول سيادية تغرد خارج سرب المشيئة الأميركية.
في الإيديولوحيا الصهيونية تتصدر المجازر وسياسة الأرض المحروقة سلم سلوكيات العصابات الإسرائيلية على اختلاف أحزاب حكام الكيان فهي وسائلهم منذ وطأت أقدامهم الهمجية أرض فلسطين المحتلة لتفريغ المناطق وترحيل أهلها عنوة بذريعة توسيع حزام أمني لكيان محتل، والحقيقة هي سرقة الأرض، وهذا ما يجري في الهجمة المسعورة على جنوب لبنان وشمال غزة وخاصة جباليا التي تخوض معارك البقاء في مواجهة الغلو الوحشي الإسرائيلي والصمت الأممي.
رغم قتامة مشهد العربدة الإسرائيلية فإن مشهد استبسال المقاومة كثيف ومبهر بدفاع مشروع عن حقوق سليبة من أبناء الأرض ضد إجرام محتلين غزاة، فإن كانت الأحداث تزدحم ويتسارع إيقاعها في روزنامة الميدان والمعطيات بدت أكثر تشابكاً إلا أن تبعات العبث الصهيو أميركي بإعدادات أمن منطقتنا وسلام شعوبها مفتوحة على ردود موجعة على مواقيت المقاومة تمزق عبرها خرائط الأعداء وتنسف مشاريعهم.
معارك البقاء والذود عن الأرض والحقوق ليست حدثا آنياً عابراً في كتاب مقاومة المحتلين مهما زاد العصف الوحشي وتآمر الغرب بمقدمتهم أميركا لطي صفحاته وختمها بأحمر الدم والهمجية، بل هو صلب كتاب الحق المشرع دائماً على اليقين المطلق بحتمية زوال الاحتلال وبلوغ التحرير ونزع أشواك المحتل من جسد المنطقة.

السابق