الثورة – رشا سلوم:
ازدهر فن القصة في العقود الأربعة الأخيرة في سورية، ونافس قصيدة النثر، وشكل توجهاً إبداعياً مهماً.
عن فن القصة أصدر الدكتور ياسين فاعور كتابه (القصة القصيرة في سورية خلال العقود الأربعة الأخيرة ١٩٨٢ – ٢٠٢٢م وذلك عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق.
منجز إبداعي
يرى فاعور أن القصة القصيرة تراث أدبي كبير، وكُتابها كثر يصعب على الباحث حصرهم، والاطلاع على نتاجهم الأدبي، وهو مضطر للاختيار وتحديد الفترة الزمنية، والاكتفاء بما يمكن الحصول عليه. بدأت دراستي لهذا الفن الأدبي وفاء لهذا البلد العربي الأصيل الذي احتضنني طفلاً ونشأت وترعرعت في ربوعه.
ودراستي للقصة القصيرة السورية كانت وفق منهجية مخطط لها، بدأت في محافظات الجمهورية العربية السورية محافظة محافظة، وانتهت في محافظة دمشق التي تحتضن عددا كبيرا من كتاب القصة في فسيفساء جميلة من محافظات القطر العربي السوري كافة.
وتناولت الدراسة القصة القصيرة في سورية خلال العقود الأربعة الأخيرة.
قطعت القصة القصيرة في سورية شوطاً كبيراً في البنية القصصية وتقنياتها، والموضوعات التي عالجتها مكملة جهود المبدعين في هذا الفن الذين أرسوا قواعده، وكان لهم فضل السبق والتأسيس، تنوعت الموضوعات التي تناولتها القصة القصيرة السورية، وواكبت الأحداث التاريخية التي عاشتها سورية والوطن العربي والقضية الفلسطينية، كما درست الأوضاع الاجتماعية، وكان كتاب القصة القصيرة في سورية أوفياء في نقل الصورة المعبرة عن حياة المجتمع العربي السوري خاصة، والمجتمع العربي عامة وظهرت قصص عبرت عن واقع الحياة والبيئة وتداعياتها بما في ذلك العادات الأعراف والتقاليد والتراث، ونقلت صورة المجتمع السوري إلى المجتمعات الأخرى، وعالجت مشكلات المجتمع، وقدمت الحلول المناسبة لها.
ترقى لغة بعض القصص إلى مستوى الشاعرية ولاسيما قصيدة النثر، وهذه نجدها في مقاطع كثيرة، وفقرات مميزة، لكنها جاءت واضحة في قصتي اللهث من مجموعة “القيد”، للقاص فوزات رزق، وقصة “السوسن” من مجموعة عطش السوسن للقاص مالك عزام، وصفت الأولى اللهث لواعج الغربة عن الزوجة والأولاد في مونولوج داخلي بلغة شتاء طبرق عام 1993، وشتاء السويداء عام 1998 أخيراً انفتح الباب، قرأت في وجنتيها قصة الزرع المحترق خارج حدود الغرفة، وأذهلتك رائحة السنبل المتقد، لم تدر كيف منحتها صدرك، لترسم عليه خارطة الرحلة، لم تدر كيف استعدته بعد ذلك، حين وصل إليك نشيد عروقها، لاحظت ذلك الانهيار المفاجئ، فقالت بما يشبه المعاناة: لا تكن.
وفي مجموعة “حين يأتي زمن الحب” للقاصة سوزان إبراهيم حوارية جميلة حوارية المبدعة مع القلم والعقل والذات، والرجل والمرأة مع ذاتها، وانطباع المرأة عن الواقع المعاش، ودور الخيال العلمي والتخيل في حياة المرأة، وجود الرجل والمرأة بين الإغراء والصد، وجرأة الطرح وطرافته.
ومشاعر كاتبة القصة، ونجد ذلك في قصص “دنيا” للقاصة سـوزان إبراهيم، وذكريات مرحلة زمنية، وغربة الروح والتخيلات والسخرية وطرافة الموضوع، ويبدو ذلك في اختيار الشخوص، والتعبير عنهم، ويتناول الكاتب مجموعة “ذات شفق” للقاص أيمن الحسن، تقع في مئتين واثنتي عشرة صفحة، وتضم إحدى عشرة قصة قصيرة متفاوتة في عدد صفحاتها، أطولها قصة “سطور من مطر”، وتقع في تسع وعشرين صفحة، وأقصرها قصة “نصفه الأبيض”، وتقع في ثماني صفحات قدم لها في الصفحة السابعة بمقولة لي “أناييس نن”: “إن لم نتنفس عبر الكتابة، إن لم تصرح أو تغن فلا تكتب إذاً، ومقولة ثانية لـ “توفيق زياد”: سأموت سعيداً لو قدرت كلماتي… أن تفر.
وقسمها القاص إلى أربعة أقسام: حمل القسم الأول عنوان “ذات غيمة عشق”، واشتمل على القصص: “مطر قناع جميل مطر: أبعد من نجمة، مطر ظل القمر، مطر: 3 بيلسانات”. (ص: 8 وخاطب في مقدمته الأصدقاء: “أيها الأصدقاء… لا تخافوا الحياة. وقدم لقصة أبعد من نجمة بمقولة لـ (أحمد تيناوي): لم يكن خطأ حبك بهوى شرقي، وأن أقترب منك بخطوات رجل اعتاد الهزيمة”.