بندر عبد الحميد.. طوق الحمامة

الملحق الثقافي- رولا محمد السيد:
بندر عبد الحميد واحد من أهم الأدباء السوريين الذين انطلقوا منذ أوائل السبعينات في سورية، وامتاز بتنوع الاهتمامات، فهو شاعر وناقد سينمائي وفني وصحفي ومسؤول ثقافي ومترجم وروائي.
سلط الكاتب بيان الصفدي في كتاب حول الأديب بندر، الضوء على حياة الأديب، بيته، أسرته، أولاده ،شغفه بالطبيعة،
في منزله المتواضع كانت تدور أغنى الجلسات، أحاديث وحوارات لم تتوقف يوماً، منزله غدا أهم محطة أدبية في دمشق، ولا بد أن يمر بها كل مثقف قادم إلى دمشق ولو لمرة واحدة.
حصل بندر بعد تفوقه في الثانوية العامة على منحة دراسية من وزارة التربية والتعليم، فسجل في جامعة دمشق / قسم اللغة العربية وآدابها، وتنقل في البداية بين غرف سكن عدة كباقي الطلاب ثم تعلق بدمشق، وصار لا يغادرها إلا نادراً.
كان يكتب الشعر، ويراسل المجلات والجرائد وفاز بالجائزة الثانية في مسابقة أجرتها مجلة «العالم في بيروت، وبالجائزة الأولى في مسابقة الشعر التي أقامتها جامعة دمشق، وكان عنوان قصيدته «حلم في الجبل الأخضر».
كتب بندر للصحافة أيضاً، وتعرف على الكثير من المثقفين، ولفت الأنظار إلى موهبة صحفية بارزة. ظهرت في عدة موضوعات ولقاءات أجراها، ثم مجموعته الشعرية الأولى «كالغزالة كصوت الماء والريح»، ونال بسرعة شهرة ومكانة في قلوب الجميع.
أمضى «بندر» حياته الثقافية يرعى المواهب منذ أن كان نشيطاً في جامعة دمشق، فيشجعها، ويوجهها ويساعدها على الظهور، ويساعد زملاءه على النشر، ويرشحهم لمناسبات ثقافية مهمة، فقد عمل طوال حياته محرراً ثقافياً أو مستشاراً في جرائد ومجلات عديدة، داخل سورية وخارجها، فعمل سكرتير تحرير لمجلة «جيل الثورة» الطلابية، وانتقل بعدها محرراً ثقافياً في جريدة «البعث» ثم استقر عمله الوظيفي في «المؤسسة العامة للسينما»، وكانت له جهود كبيرة في أعمال ثقافية كمشروع «الفن السابع» الذي انطلق عام ١٩٩٢م في وزارة الثقافة السورية، فقد اختار مجموعة من أهم الكتب التي تخص الفن السينمائي في سورية والوطن العربي والعالم وما زالت السلسلة تصدر إلى الآن.
ووصل عدد الكتب الصادرة عنها إلى مئتين وسبعين كتاباً، ما يشكل مكتبة سينمائية متخصصة مهمة، قال «بندر عن ذلك عندما اعترضته صعوبات: «اقترحت فكرة طارئة وغريبة، تتمثل في تغطية تكلفة الكتب من مخصصات مجلة «الحياة السينمائية أو مخصصات تصليح السيارات فالكتاب محرك للثقافة مثل محرك السيارة التي تختصر المسافات، ويمكن تنزيل كتاب مع تنزيل محرك السيارة».
إضافةً إلى بصمته النوعية في مجلة «الحياة السينمائية وهي تصدر عن وزارة الثقافة أيضاً وبندر» أمين التحرير فيها، كان أحد مؤسسي مجلة آفاق سينمائية الإلكترونية ومستشاراً للتحرير، وعضواً في لجان تحكيم ومهرجانات سينمائية وثقافية محلية وخارجية.
أما العمل الآخر فهو تسلمه إدارة النشر في دار المدى التي كان مقرها لسنوات طويلة في دمشق، وظل مستشاراً لها بعد أن انتقلت منذ سنوات قليلة إلى بغداد.
في كل هذه الأماكن كان يتقن اكتشاف المواهب وتحريك الجو الإبداعي، واستكتاب المثقفين الأكفاء بلا تعصب، ولا شللية، وكل ذلك في أفق مفتوح من عقل حضاري مستنير، يؤمن بالحداثة والتنوير والعمق والأصالة والإبداع.
تلويحات وداع
تحدث الكثيرون عن بندر، ومن أبرز ما كتب عنه:
– يتمتع بندر عبد الحميد بنوع فريد من السكينة الروحية، هو صاحب الوجه الواضح القسمات وشعر الرأس الكثيف، المتمرد، وصاحب شقة باتساع العالم يجمع بين دمائة الخلق والتواضع، وعمق المعرفة، ووضوح الرؤية.
كمال رمزي – مصر
– بندر الشاعر والصديق الذي تمتد صداقتي معه إلى سنوات الدراسة في جامعة دمشق، لم يغلق بابه بوجه أحد، حتى لو كان لا يرغب في مجيء أحد، فما يفعله هو أن يغمغم باستنكار خفيف ادخلوا ! من لا يتذكر بندر الأليف النادر الذي وسع قلبه الجميع؟ مثلما وسعت شقته الصغيرة المتواضعة الجميع، بدون أن يكون شخصاً آخر غير بندر المتفرد، الذي لا يشبه أحداً.
عبد الكريم كاصد / العراق
– بندر طوق الحمامة الجزراوي في دمشق، وهذه شقة بندر الشهيرة حيث يجتمع في المساحة الضيقة فنانون وموسيقيون وشعراء وتائهون في مساحة ضيقة جغرافيا ورحبة فكرياً وروحياً، فتشهد أجواء لا تتكرر من المتعة والطرافة والفائدة، إنه يختزل العالم في بضعة أمتار، فيتلاشى كل أحد وكل مكان خارج مساحة الحرية التي أتاحها بندر لأصدقائه وأصدقاء أصدقائه، كما لو أن المكان سبيل يروي كل عطشان يروم أن يروي ظمأه من الحياة كما يشتهي.
كانت صومعته مَحَجَّاً للجميع، يصعب أن يزور دمشق مثقف ولا يمر بغرفة بندر، كريم اليد والنفس، فتتسامى روحه كما لو أنها سحاب، أو فراشة شاردة.
روحه الأثيرية المحبة انتقلت به إلى الأبدية كما يليق بالسكان الأصلاء لهذا البلد.
ديانا جبور / سورية
– يصعب على الروح تصديق غياب بندر، بندر الذي لم يمت، بل تحولت روحه إلى فراشة ترفرف بشفافيتها ونقائها حول وجودنا الحزين
فؤاد كحل – سورية
توفي الشاعر السوري بندر عبد الحميد في دمشق عن 73 عاماً، وله مجموعة كبيرة من المؤلفات في الشعر والسينما.
                        

العدد 1213 – 12 – 11 -2024 

آخر الأخبار
بقيمة 2.9مليون دولار.. اUNDP توقع اتفاقية مع 4 بنوك للتمويل الأصغر في سوريا حمص.. حملة شفاء مستمرة في تقديم خدماتها الطبية د. خلوف: نعاني نقصاً في الاختصاصات والأجهزة الطبية ا... إزالة مخالفات مياه في جبلة وصيانة محطات الضخ  الألغام تهدد عمال الإعمار والمدنيين في سوريا شهادة مروعة توثق إجرام النظام الأسدي  " حفار القبور " :  وحشية يفوق استيعابها طاقة البشر  تفقد واقع واحتياجات محطات المياه بريف دير الزور الشرقي درعا.. إنارة طرقات بالطاقة الشمسية اللاذقية.. تأهيل شبكات كهرباء وتركيب محولات تفعيل خدمة التنظير في مستشفى طرطوس الوطني طرطوس.. صيانة وإزالة إشغالات مخالفة ومتابعة الخدمات بيان خاص لحفظ الأمن في بصرى الشام سفير فلسطين لدى سوريا: عباس يزور دمشق غدا ويلتقي الشرع تأهيل المستشفى الجامعي في حماة درعا.. مكافحة حشرة "السونة" حمص.. تعزيز دور لجان الأحياء في خدمة أحيائهم "فني صيانة" يوفر 10 ملايين ليرة على مستشفى جاسم الوطني جاهزية صحة القنيطرة لحملة تعزيز اللقاح الروتيني للأطفال فيدان: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا تزعزع الاستقرار الإقليمي الجنائية الدولية" تطالب المجر بتقديم توضيح حول فشلها باعتقال نتنياهو قبول طلبات التقدم إلى مفاضلة خريجي الكليات الطبية