جميع الدول والبلدان تسعى إلى تحقيق الأمن الغذائي .. وتعمل جاهدة لتوفيره لمواطنيها.. وفي الأزمات تستنفر كل إمكاناتها لتحقيقه.
فنحن نعاني حالياً من هذا الأمر في ظل الظروف الراهنة.. التي نمر بها جراء العقوبات الظالمة على بلدنا.. وقد يقول البعض إن العقوبات المفروضة علينا لا تشمل المواد الغذائية وهذا الأمر غير صحيح.
وخاصةً عندما تطول العقوبات حوامل الطاقة بشكل مباشر فهي تطول “الأمن الغذائي” لأن الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني هما الأساس في تحقيق الأمن الغذائي، وأيضاً عندما ترتفع أسعار البذار والأدوية والأسمدة وجميع مستلزمات العملية الزراعية يتهدد الأمن الغذائي.
وهذا ما حدث بالفعل في بلدنا نتيجة الحرب الظالمة التي شنت عليه.. وتحولنا من بلد ينتج معظم المحاصيل الزراعية.. وبلد لديه الاكتفاء الذاتي من القمح على سبيل المثال إلى بلد مستورد له، كما ارتفعت أسعار المحاصيل الزراعية الأخرى من خضراوات وفاكهة بشكل غير مسبوق.
كل هذا بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وفي مقدمتها المازوت الذي يدخل في كل مرحلة من مراحل الإنتاج أكثر من مرة.
في حراثة الأرض.. وفي سقاية المزروعات.. وفي خدمتها.. وفي نقل المحصول.. الخ..
وفي ظل أزمة الكهرباء الحالية.. بات المازوت الشحيح أصلاً هو الأساس في العملية الإنتاجية.
أمام هذا الواقع أصبح المزارع غير قادر على تغطية تكاليف الإنتاج.. وأصبح المنتج الزراعي يفوق القدرة الشرائية للمواطن.
وهذا الأمر ينسحب بشكل عام على الإنتاج الحيواني ما تسبب في ارتفاع تكاليف الإنتاج للدواجن.. والمباقر .. ما أدى إلى ارتفاع أسعار اللحوم و بيض المائدة.
من الظلم أن تستمر العقوبات المفروضة على البلاد لأنها تتنافى مع كل القوانين وعلى رأسها القانون الإنساني.
طموح المزارع هو الإنتاج.. لكن الواقع يحول بينه وبين الإنتاج.. وبالتالي يحرم من مصدر دخله.. ويحرم المستهلك من إنتاجه.
الأسمدة أسعارها الى ارتفاع مستمر.. والمازوت هو الآخر.. ومستلزمات العملية الزراعية بلغت حد التعجيز.. والقروض الزراعية لا زالت دون الجدوى بالمقارنة مع ما سبق ذكره.
هنا نقترح أن تبادر وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي إلى حصر جميع المساحات القابلة للزراعة.. والعمل على توفير عمليات الحراثة لها من خلال جراراتها.. توفير البذار والشتول المتنوعة لزراعتها على نفقتها.. وجعل المزارع بعد ذلك هو المسؤول عن العناية بها.
من غير المقبول ترك تلك المساحات خارج الإنتاج في المناطق التي بات المزارع فيها غير قادر على زراعتها، إنها دعوة لتجسيد ما كانت تقوم به الحكومة من خلال ما كان يسمى مزارع الدولة، فنحن اليوم بحاجة ماسة لذلك .. فقد نجحنا في تلك الفترة بتحقيق الأمن الغذائي.
السابق
التالي