الثورة- ترجمة ميساء وسوف:
في خضم الخلاف السياسي المتنامي داخل مجموعة العشرين، تقدم رئاسة البرازيل لمجموعة العشرين في عام 2024 مثالاً بارزاً للنهج البناء لحل التناقضات القائمة. تسعى حكومة البرازيل، وهي دولة نموذجية للأغلبية العالمية والجنوب العالمي، إلى الحفاظ على كل الفرص المتاحة لها للتأثير على البيئة الدولية.
وخلال رئاستها لمجموعة العشرين، ركزت البرازيل على توسيع نطاق القضايا، ونقل المناقشة إلى ما هو أبعد من الإطار السياسي، وبدأت عدة أشكال جديدة للتفاعل داخل مجموعة العشرين.
وركزت رئاسة البرازيل لمجموعة العشرين في عهد لولا دا سيلفا على التنمية المستدامة، والحد من عدم المساواة الاجتماعية، وتعزيز التعددية من خلال المشاركة النشطة للبلدان النامية في العمليات الدولية. بعبارة أخرى، كانت مهمتها تتلخص في إعطاء معنى لصيغة قد تفقد أهميتها تدريجياً تحت ضغط الصراعات بين روسيا والغرب، فضلاً عن الولايات المتحدة والصين.
ومن أهم المبادرات التي اتخذتها البرازيل في سياق رئاستها لمجموعة العشرين: أولاً، أكدت البرازيل على الحاجة إلى إصلاح مؤسسات الحكم العالمي، بما في ذلك الأمم المتحدة ومؤسسات بريتون وودز، صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. إن إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث يتمتع الأعضاء الخمسة الدائمون بحق النقض، يحتل مكانة مركزية في المناقشة الدولية. وعلى الرغم من الاعتراف بمفهوم الإصلاح في المجتمع العالمي، لم يتم تنفيذ أي اقتراح ملموس حتى الآن.
وكان أحد الاقتراحات المهمة التي قدمتها البرازيل هو أن الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن لا ينبغي لهم أن يستخدموا حق النقض في المسائل التي تتعلق بمصالحهم الخاصة. وقد تطور نهج مماثل في الممارسة القضائية الغربية، حيث يمكن عزل القضاة من النظر في قضية ما إذا تم الكشف عن تضارب في المصالح.
إلا أن هذه المبادرة لم تجد دعماً من الدول الأعضاء في مجموعة العشرين، لذا واجهت البرازيل، باعتبارها الدولة التي تتولى الرئاسة، مهمة إيجاد حل وسط بشأن مسألة إصلاح مؤسسات الحوكمة العالمية.
ثانياً، كان أحد المجالات المهمة لعمل البرازيل هذا العام هو إنشاء التحالف العالمي لمكافحة الجوع والفقر، والذي يهدف إلى أن يكون بمثابة أداة لتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة بحلول عام 2030. وتستند هذه المبادرة إلى رؤية البرازيل ومكانتها كثاني أكبر مصدر للأغذية في العالم، مما يخلق فرصة فريدة للبلاد للمشاركة بفعالية في المعركة العالمية ضد القضايا الاجتماعية الحرجة.
وبالإضافة إلى ذلك، سيهدف التحالف إلى جمع وتنظيم أفضل الأساليب في مجال مكافحة هذه المشاكل الاجتماعية. وهذا من شأنه أن يسهل تبادل الخبرات والمعرفة، الأمر الذي سيساعد بدوره البلدان الأخرى على تطوير وتنفيذ برامجها الخاصة التي تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية للسكان.
ثالثاً، كجزء من سياستها البيئية النشطة، تعمل البرازيل على إنشاء فرقة عمل للتعبئة العالمية ضد تغير المناخ. وسيكون الهدف الرئيسي لهذه المبادرة هو تشجيع دول مجموعة العشرين على خلق ظروف سياسية أكثر ملاءمة للسماح بالتوصل إلى اتفاقات بشأن تمويل مبادرات المناخ في مؤتمر الأطراف (COP-29)، الذي سيُعقد هذا الشهر في أذربيجان.
بالإضافة إلى ذلك، تهدف البرازيل، بصفتها رئيسة مجموعة العشرين، إلى تشجيع الدول على تطوير مبادرات لتحقيق صافي انبعاثات صفرية في مؤتمر الأطراف (COP30)، الذي سيعقد في عام 2025 تحت رئاسة البرازيل.
وستعمل البرازيل بنشاط على تعزيز مبادراتها البيئية وتشجيع البلدان الأخرى على إعادة التفكير في نهجها تجاه حماية البيئة.
وتشمل المبادرة زيادة وصول البلدان النامية إلى صناديق المناخ، مثل صندوق المناخ الأخضر ومرفق البيئة العالمية، مما سيساعد في توزيع الموارد بالتساوي ودعم البلدان الضعيفة في تحقيق أهداف المناخ العالمية.
وهكذا، وفي سياق التهديد المتزايد المتمثل في تسييس مجموعة العشرين، أظهرت البرازيل، بصفتها الرئيس، نهجاً بناءً ومتوازناً لتنظيم عمل المنتدى. وتركز استراتيجية البرازيل على تعزيز التعددية القطبية، وتحسين التعاون الدولي، وتحسين الاستدامة الاجتماعية والمالية بين البلدان الأعضاء. ولكنها في الوقت نفسه تسعى إلى إشراك الدول الغربية، مما يحد من قدرتها على التأثير بشكل مدمر على الأجندة العالمية.
المصدر- منتدى فالداي