بعيداً عن لجان إصلاح القطاع العام الصناعي ذهب الدكتور محمد سامر الخليل وزير الصناعة مباشرة إلى الواقع المُفسر لنفسه، مختصراً وقت البحث عن المال والكفاءة والمرونة ومحاربة الفساد والتي تشكل لوازم انطلاق القطاع الصناعي وغيره من القطاعات، ملاقياً التوجه الحكومي حول ضرورة تحديد دور الدولة في القطاع العام ووضع برامج لتطويره.
أساس رؤية وزير الصناعة تنطلق من انسحاب وزارة الصناعة من بعض القطاعات الصناعية، فلا يعقل استمرار وجود شركات بمنشآت كبيرة وخسائر متراكمة وعمالة بأعداد كبيرة في حين ينافسها القطاع الخاص بآلات حديثة وصغيرة وتنتج بعدة أضعاف وبتكاليف بسيطة.
الأمر ليس انسحاباً ولا تخلياً عن المسؤولية ولا خصخصة كما يروج لها البعض، هي تشاركيه بمرونة تُعطي مزايا تحفيزية للقطاع الخاص الذي سيدفع المال ليربح وتضمن الحفاظ على الأصول وتحقيق الموارد للخزينة، كما حصل مثلاً مع إسمنت حلب حيث يحقق العقد مع شركة العربية موارد سنوية 250 مليار ليرة مع الحفاظ على العمالة وتحسين وضعها وضمان الملكية والمراجعة للعقد دون أن تتكلف الدولة أي مبلغ، فيما لو بقي الأمر على حاله لكانت الوزارة عاجزة عن إعادة تأهيل المعمل وعن تحسين الوضع المعيشي للعاملين وبالتالي خسارات متراكمة وهدر للموارد.
ليس مهماً مَن يقوم بالتشغيل، المهم الجدوى، وفي المحصلة الدولة هي الأساس بدورها الإشرافي والتنظيمي والملكية، ولكنها منحت التشغيل لمن يدفع المال ويستثمر، والأمر لا يقتصر على المنشآت الخاسرة أو المتوقفة ويجب أن يطال الشركات الرابحة ورقياً أو الرابحة بشكل كبير، ولكن أرباحها تذهب للحلقات الوسيطة كشركات المياه المعبأة مثلاً.
أكثر من عقدين ونحن نبحث عن آلية لإصلاح القطاع العام الصناعي دون جدوى أو قرار، ولكن الرؤية التي أعلن عنها وزير الصناعة الدكتور محمد سامر خليل، وتنسجم مع التوجه الحكومي تلبي الحاجة للخروج من الخسائر المتراكمة، وتجسد مقولة أن القطاع الخاص شريك حقيقي.