مراسل “الثورة” في اللاذقية سنان سوادي:
تعد الحمضيات المحصول الاستراتيجي لمزارعي اللاذقية، فهي تحتل المرتبة الأولى على مستوى المحافظة من حيث الإنتاج والثانية من حيث المساحة، وتعتبر الحمضيات في سوريا الأفضل حول العالم من حيث النكهة نظراً لطبيعة المناخ المتوسطي، وعدد ساعات الشمس التي تتعرض لها.
ويبلغ عدد الأسر التي تعمل في زراعة الحمضيات في اللاذقية أكثر من /40/ ألف أسرة عانوا خلال العقود الماضية من ارتفاع تكاليف الإنتاج وانخفاض سعر مبيع المنتج، ورغم الوعود المتكررة من قبل الحكومات المتعاقبة خلال حكم النظام البائد بتحسين الواقع الزراعي للحمضيات، ودعم المزارعين، ورفع أسعار الحمضيات، وتوفير مستلزمات الإنتاج من أسمدة ومبيدات وغراس وتخفيض أسعارها، وإقامة مصنع للعصائر، إلا أن هذه الوعود ذهبت أدراج الرياح وبقيت الدراسات والتوصيات حبيسة أدراج مكاتب المسؤولين عن القطاع الزراعي خلال الحكم البائد، ولم تساو ثمن الحبر الذي كتبت به.
540748 طناً الإنتاج المتوقع
قدرت مديرية زراعة اللاذقية إنتاج الحمضيات لهذا العام بنحو /540748/ طناً، وتقدر المساحة المزروعة بنحو /30514/ هكتاراً، بما يعادل 29,9 من الأراضي المستثمرة، ويبلغ عدد الأشجار الكلي /10409462/، منها /9999879/ شجرة مثمرة، ويبلغ حجم الاستهلاك المحلي 40% فقط من حجم الإنتاج الكلي.
ارتفاع التكاليف وانخفاض السعر
تقدر تكلفة إنتاج كيلو الحمضيات بنحو 3000 ليرة، ويباع في سوق الهال ما بين 2000 ــ4000 ليرة، وذلك حسب النوع، وتبلغ عمولة (الكمسيون) 10%، وسعر الشريحة (عبوة بلاستيكية) التي تتسع لـ5 – 6 كيلو حوالى 3000 ليرة، والحد الأدنى لأجور النقل 100 ألف ليرة حسب البعد عن سوق الهال، وتتراوح أجرة اليد العاملة (قطاف) ما بين 50 – 100 ألف ليرة يومياً.
كما ارتفع سعر سماد سوبر الفوسفات هذا العام بمقدار الضعف عن العام الماضي، وسعر باقي الأسمدة والأدوية بمقدار 25%، وبسبب الفساد لم تكن الأسمدة متوفرة في مؤسسات القطاع العام للنظام البائد لكنها كانت متوفرة بكثرة في السوق السوداء، ولم يتم توزيع المازوت الزراعي في المحافظة باستثناء توزيع لترين لمزارعي القمح، ولم تفعل البطاقة المؤتمتة للحصول على المازوت للآليات الزراعية المخصصة للحراثة والنقل علماً أنها كانت مفعلة في باقي المحافظات، هذا بالإضافة لشبكات الري المتهالكة والتي كانت السبب في هدر ما يقارب 60% من المياه.
إهمال مقصود متعمد
يقول مزارع الحمضيات أحمد صقر من ريف جبلة لـ”الثورة”: عانينا خلال الحكم البائد ولأكثر من خمسة عقود من إهمال مقصود ومتعمد، ومن ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج وعدم توفرها في الوقت المناسب، وعدم توفر المياه الكافية للسقاية في الصيف، وانخفاض سعر الحمضيات سببه السياسات الزراعية الفاسدة وتحكم الفاسدين من مسؤولين وتجار.
وعود
فيما أكد يامن حبيب من ريف القرداحة، أن النظام البائد كان يتبع سياسة النفاق والوعود الكاذبة، ففي كل عام كان يطلق الوعود بدعم المزارعين وإقامة مصنع للعصائر، وتعقد الاجتماعات التي كانت تزيد وضع المزارعين سوءاً وفقراً، ويضيف: في كثير من الأعوام كنا نترك المحصول من دون قطاف لأن تكلفة قطافه وبيعه أكثر من سعر مبيعه، فأجرة نقل المنتج إلى سوق الهال تبلغ أكثر من 250 ألف ليرة، هذا بالإضافة لسعر العبوات والتعب والجهد المبذول المهدور والضائع.
اقتلاع أشجار الحمضيات
المزارع محمود حسين من ريف اللاذقية قال: قمت خلال السنوات الماضية باقتلاع أشجار الحمضيات والاستعاضة عنها بالزراعات الاستوائية مثل الموز والأفوكادو، وذلك بسبب الخسائر المتكررة لسنوات طويلة، فقد كان النظام الفاسد مع بداية موسم الحمضيات يعمد لاستيراد الموز وتخفيض أسعاره وبعد انتهاء موسم الحمضيات تعود أسعار الموز للارتفاع.
وفي الختام يبقى الأمل المعقود والمأمول على إدارة سوريا الجديدة بإنصاف مزارعي الحمضيات ودعم المحصول الذي يساهم في دعم القطاع الزراعي والاقتصاد الوطني وتمكين المزارعين في أرضهم وتأمين مصدر رزق يضمن لهم تأمين حاجاتهم الأساسية والعيش بكرامة بعد عقود من التهميش والشقاء والمعاناة.