الثورة – حسين صقر:
ونحن نبني سوريا الحديثة، بعد زوال نظام الأسد المخلوع، الذي فرض- عن قصد- ما يسمى بالمحسوبيات التي أبعدت معظم الناس عن تحصيل حقوقهم الضائعة، تقفز للأذهان ثقافة نشر الشكوى وعدم السكوت عن الخطأ أو التقصير مع الذات، وضرورة الإشارة، ليس إلى مكامن الخلل وحسب، بل على من كانت لهم يد بتجاوز القانون، حيث إن نشر تلك الثقافة أمر مهم لمكافحة الفساد المادي والأخلاقي والمعنوي، وجعل اللجوء إليها، أمراً مهماً لضمان عدم ضياع الحقوق، خاصة وأن شكاوى المواطنين لها دور مهم بمعالجة الجوانب السلبية وتلافي الأخطاء.
قد يقول قائل: “لا أريد الضرر لفلان” متناسياً الضرر الذي يقع عليه، وذلك سواء في الدكان أم وسيلة النقل، أو الوقوف على الأفران والحواجز أو إزعاج جار، وتعديه على حقوقنا، أو مقرب أكل من تلك الحقوق، أو في أي مؤسسة حكومية، أو أي مكان آخر، ويعدُّ واحدنا للمئة قبل أن يتوجه إلى الجهة المسؤولة لتسجيل شكوى، لسببين: الأول لظنه أنه يلحق الضرر بمن سيشتكي عليه، والثاني خجلاً من الآخرين، بأن ما فعله سابقة لم يسبقه إليها أحد، ولكن في حقيقة الأمر ليست الشكوى سوى ثقافة يجب العمل بها، وذلك من أجل وضع حد لأولئك الضاربين بعرض الحائط الأنظمة والقوانين التشريعية والدينية والاجتماعية، كما لمن لا يأخذون الأعراف والتقاليد بعين الاعتبار.
أمثلة كثيرة
الأمثلة على من يتجاوزون القانون كثيرة، وإذا ترك الأمر لهم، لسادوا ومادوا، وزاد تسببهم بالضرر على الغير، وتركوا آثاراً نفسية وندوباً معنوية نتيجة تماديهم لعدم وجود من يردعهم عن غيهم وتسلطهم ومن يضع لهم حداً لتلك التصرفات والممارسات، فثمة من يتصرف بشكل لا أخلاقي مع جاره ويسبب له الإزعاج، متناسياً أن لذلك الجار حقاً عليه، وهناك من الأشخاص من اعتدى على أرزاق أقربائه، وسلب منها، وهناك من السائقين من أخذ تعرفة أكثر من التسعيرة، وهناك في الدكان أيضاً، وهناك من يتسبب بقلة النظافة ويرمي الأوساخ في الطريق ومن يربك مراجعاً لإتمام معاملة.. ومن.. ومن.
فلو تعممت ثقافة الشكوى، لوضعت الجهات المسؤولة حداً لكل هؤلاء الخارجين عن القوانين والأعراف والتقاليد، ولو وصل الأمر لتلك الجهات وتُرك الحل لها، شرط أن يراعي هذا المسؤول ضميره في الحل، ولا يقبل أي واسطة أو محسوبية لساد الأمن وعم الأمان وحصل كل ذي حق على حقه، لأن كثيراً من المشكلات والقضايا التي يلجأ فيها الناس للحل الأهلي، وتكون نسبة الحل فيها قليلة، لأن الناس يطمعون ببعضهم، ويسايرون ويحسبون ألف حساب قبل أن يتقدم أحدهم بشكوى ما حول ظلم معين، وبذلك يقطع الطريق على نفسه وغيره بأن تتحول البلاد إلى شريعة غاب.
ظلم معنوي
كثير من المشاجرات، ومن التعديات والاعتداءات، وكثير من الظلم المعنوي والمادي يقع على البعض ويتركون حقوقهم تضيع، وهو ما يتسبب بتمادي من اعتاد مخالفة القانون.
في بعض المجتمعات يقوم الوجهاء ورجال الدين بإبعاد المعتدين عن جلساتهم والاحتكاك معهم، وذلك معاقبة له على فعل غير لائق قام به، لكن ليس كل الأشخاص يأخذون ذلك بعين الاعتبار، لأن من يقومون بإبعاده عن مجالسهم لا يعنونه بشيء، ولهذا لابد من أن يأخذ المجتمع دوره أيضاً إلى جانب السلطات المعنية بإبعاد هؤلاء اجتماعياً وعدم مشاركتهم الأفراح والأتراح، وذلك كي يشعروا بأنفسهم أنهم وحيدين ولا أحد يقيم لهم وزناً أو يختزن لهم عاطفة.
الحل الأمثل
الشكوى والعقاب هما الحل الأمثل، ليقف كل شخص عند حده، وجعله يحسب ألف حساب قبل أن يخالف قانوناً أو شرعاً، أم عادة صحيحة وعرفاً موثوقاً.
هناك دور يقع على عاتق الجمعيات الأهلية والرسمية للتعريف بحقوق المواطن وواجباته وممارستها بشكل فعال، كذلك يوجد سلطات قضائية ورقابية في كل مكان وتجمع سكاني، تعمل على تلقي الشكوى والتحقيق بها، وإيصال الحقوق إلى أصحابها.
#صحيفة_الثورة