الثورة – المهندس بسام مهدي:
“مجتمع متقدم قادر على تحقيق التنمية المستدامة بهدف توفير مستوى معيشة مرتفع لجميع المواطنين”
هذا هو جوهر رؤية قطر 2030 النابعة من إرادة القيادة الرشيدة، ونظرتها الثاقبة لقطر المستقبل.
مع سعي دولة قطر لتوسيع وتحويل اقتصادها إلى ما هو أبعد من النفط والغاز، فإن التبني السريع للذكاء الاصطناعي، وحلول الأمن السيبراني الجديدة والخدمات السحابية، هي في صميم جهود التحول الرقمي في البلاد، وتسعى قطر لتطوير بنية تحتية رقمية قوية، تدعم التطبيقات الذكية في مختلف القطاعات، من الحكومة إلى الصناعة والتجارة والتعليم والصحة، مما يجعلها في طليعة الدول التي تعتمد هذه التكنولوجيا بشكل استراتيجي، ما يعكس اهتمام دولة قطر بتوظيف هذه التقنية لخدمة التنمية المستدامة في المنطقة.
– المؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي:
احتلت دولة قطر المرتبة الرابعة عربيا، والمرتبة 54 عالمياً في مؤشر الذكاء الاصطناعي العالمي، من بين 83 دولة تضمنها التقرير للعام 2024، ويقيس التقرير الذي أطلق من قبل “تورتويس إنتليجينس” التقدم في الذكاء الاصطناعي، في الدول من خلال تحليل الاستراتيجيات الوطنية، ومقارنتها بحجم الإنفاق الحكومي، من خلال عدة مؤشرات أساسية.
وتتضمن المؤشرات الأساسية: الاستراتيجية الحكومية، والبيئة التشغيلية، والبنية التحتية، والأبحاث والتطوير، والكفاءات، والتجارة، وتضم 122 مؤشراً فرعياً، تعتمد على بيانات القطاعين العام والخاص.
– تطبيقات عملية للذكاء الاصطناعي:
تركز دولة قطر على تطوير القطاع التعليمي، من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات تنظيم عمليات التعليم، ومراقبة جودتها، وتقييم الأداء الأكاديمي للطلاب، بالإضافة إلى ذلك، تضم الاستراتيجية المقترحة مساعدة المعلم على أداء المهام الروتينية، خلال وقت أقل، بما في ذلك تصحيح الأوراق الامتحانية، وكتابة تقارير الأداء الشهرية، وغير ذلك من الإجراءات.
وتتبنى الحكومة القطرية مؤخراً استراتيجية جديدة في مجال الخدمات، وهي معتمدة على الابتكار التكنولوجي بكل أنواعه، على سبيل المثال يُستخدم في القطاع المالي والمصرفي حالياً روبوتات دردشة آلية لتحسين خدمة العملاء، من ناحية أخرى تسعى استراتيجية قطر الوطنية في مجال الذكاء الاصطناعي إلى تطوير الخدمات الشخصية، بواسطة أنظمة التوصية المبنية بالكامل على تحليل قاعدة البيانات، وهذا ما يعزز تجربة العملاء بشكل عام.
ووصل التحول الرقمي في قطر إلى قطاع الرعاية الصحية، إذ تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي في التشخيص، وأجهزة التصوير الإشعاعي، لاكتشاف المشكلات الصحية بسرعة وبدقة عالية، علاوة على ذلك يتجه بعض الأطباء إلى دراسة حالة المريض بناء على أدوات الذكاء الاصطناعي، التي تحلل البيانات الجينية، وتاريخ الأمراض لدى العائلة، ويهدف الابتكار التكنولوجي المدمج بالذكاء الاصطناعي في مجال الطب إلى تطوير عمليات التشخيص والعلاج نحو الأفضل، ذلك ابتداءً من التحليل الأولي للاختبارات الروتينية ووصولاً إلى إنشاء خطة معالجة فردية لكل مريض على حدة.
وتوسعّت مجالات الذكاء الاصطناعي في قطر حتى وصلت إلى النقل والخدمات اللوجستية، فمثلاً ظهر الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الخاصة بتنظيم حركة المرور داخل المدن المزدحمة، كما ساعدت السيارات ذاتية القيادة في جعل النقل أكثر راحة.
حيث تحمل تلك التقنيات الحديثة بمرور الوقت نهضة ضخمة في البلاد على مستويات عديدة منها التعليم والاقتصاد والصحة والنقل والسكن.
– التحول الرقمي:
يهدف التحول الرقمي في قطر إلى بناء دولة متطورة قادرة على تأمين حياة كريمة للشعب باستمرار، لذلك تعمل المؤسسات الحكومية والخاصة بجميع القطاعات على اعتماد التكنولوجيا في عملها، فمن الاقتصاد الرقمي والتعليم الإلكتروني إلى التجارة والصناعة والنقل هناك تحولات رقمية تجري على قدمٍ وساق، لإنشاء بنية تحتية متطورة، وإنشاء مدن ذكية متكاملة.
“فنار” نموذج للذكاء الاصطناعي بلمسة عربية
إن “فنار” هو نموذج لغوي ضخم (LLM)، يطوره معهد قطر لبحوث الحوسبة بجامعة حمد بن خليفة، ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، تم تدريب فنارعلى قواعد هائلة من البيانات، تماماً مثل النماذج اللغوية العالمية مثل Chat Gpt أوDeepSeek أو Gemini أو Lama، وبما أن هذه النماذج اللغوية تتدرب على البيانات باللغة الإنكليزية، فهي لا تهتم باللغة العربية، على الرغم من قدرتها على فهم اللغة العربية، وذلك لأن نسبة البيانات باللغة العربية، التي تم تدريب النماذج عليها من الانترنت ضئيلة لا تتعدى0.05% من كامل المحتوى في الانترنت، ومن هنا بدأت دولة قطر في تأكيدها على الالتزام بدعم اللغة العربية، وتطوير تقنيات مبتكرة تُعزز الهوية الثقافية واللغوية على المستوى العالمي، والتركيز على الذكاء الاصطناعي بشكل عام وعلى الذكاء الاصطناعي التوليدي، لإنشاء نموذج لغوي كبير يكون التركيز فيه على اللغة
العربية، وذلك لأن اللغة هي وعاء للثقافة.
وبالفعل تم التدريب بطريقة مخصصة، لهذا النموذج اللغوي الكبير (LLM)، ليتميز باللغة العربية وبلهجاتها المختلفة، وبحيث يكون لديه القدرة على فهم القيم، والعادات،والتقاليد، التي هي موجودة في مجتمعاتنا العربية، وتكون مصدراً للمعلومات للأجيال القادمة، بحيث يتماشى مع الثقافة العربية، ولا يتماشى مع الثقافة الأجنبية، وخصوصا بانضباطه في الأمور الدينية، وفقا للتقيمات الموضوعة،مع ضمان الالتزام بالاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي.
إن دولة قطر قادرة على بناء مثل هذه التكنولوجيا، فهي تحقق الاستقلالية، كونها تملك هذا التطبيق، فإنها بذلك تعطي إطمئاناً لاستخدامه من قبل أجيالنا.
إن تطبيق فنار يساعد في تحسين العديد من جوانب الحياة اليومية، بدءًا من التنقل داخل المدينة، وصولًا إلى تقديم حلول مبتكرة في القطاعين الحكومي والتجاري، مما يجعل فنار أحد المشاريع النموذجية، التي تساهم في بناء مستقبل رقمي متقدم ومتطور، مما يجعل من قطر أحد الرواد في هذا المجال على المستوى العالمي.
القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في قطر 2024
إنطلقت القمة العالمية للذكاء الاصطناعي بحضور نخبة من صناع القرار والخبراء المحليين والدوليين في10ديسمبر2024، وقد تم تدشين مشروع “فنار”، المشروع العربي للذكاء الاصطناعي، خلال حفل افتتاح القمة.
ركزت القمة على مناقشة القضايا المحورية المتعلقة باستخدامات الذكاء الاصطناعي، وسلطت الضوء على أربعة محاور رئيسية، تشمل الحوكمة المسؤولة، والذكاء الاصطناعي التوليدي، وتسريع تبني الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، وتكامل تقنيات الذكاء الاصطناعي مع حياة الإنسان، مع تسليط الضوء على الابتكار من خلال استضافة 25 شركة ناشئة لعرض مشاريعها وأفكارها الرائدة.
شكلت القمة العالمية للذكاء الاصطناعي قطر 2024 حدثاً محورياً في تعزيز مكانة دولة قطر، كمركز إقليمي وعالمي للابتكار والتكنولوجيا، والتزامها بالتحول الرقمي وتعزيز الاقتصاد القائم على المعرفة، مما يساهم في بناء شراكات استراتيجية تعزز استخدامات الذكاء الاصطناعي في المنطقة.
قطر تخلق تجار بثقافية مؤثرة.. Qatar ArtBeat
هو عمل فني للذكاء الاصطناعي من مدينة الإعلام قطر بالشراكة مع جوجل كلاود يسجل رقماً قياسياً عالمياً في موسوعة غينيس، ويكتسب اعترافاً عالمياً بعمل فني بمناسبة اليوم الوطني لدولة قطر 2024، وصلت الحملة التي أطلقتها مدينة الإعلام قطر، بالشراكة مع جوجل كلاود، إلى أكثر من 5.4 مليون شخص، وتلقت 68000 مشاركة من جميع أنحاء البلاد، وحقق هذا العمل الفني الرائد لقب غينيس للأرقام القياسية، لأكبر عدد من الأشخاص الذين ساهموا في صورة، تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، والتي شاركت الدولة في إنشائها، بواسطة الذكاء الاصطناعي ضمن معايير صارمة، والتي تم التحقق منها بدقة من قبل محكم رسمي من موسوعة غينيس للأرقام القياسية.
ومع أكثر من 15000 مساهمة في الأسئلة المثيرة للتفكير التي تمت مشاركتها على منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بمدينة الإعلام في قطر والمؤثرين المتعاونين، قامت منصة Vertex AI المتطورة من Google Cloud ونماذج Gemini ومنصة بيانات Google BigQuery بتحويل هذه الأصوات المتنوعة إلى عمل فني.
تطلب تحقيق الرقم القياسي غير المسبوق، لأكبر عدد من الأشخاص يساهمون في صورة، تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، وذلك في الفترة ما بين 9 و17 ديسمبر2024، دعت فعالية قطر آرتبيت، الجمهور لمشاركة أفكارهم من خلال الرد على أسئلة، مثل ماذا تعني قطر بالنسبة لك؟ على منصات التواصل الاجتماعي لمدينة الإعلام قطر، وتم عرض الأعمال الفنية على بعض المعالم الأكثر شهرة في قطر، مع الوصول أيضاً إلى جمهور عالمي عبر القنوات الرقمية لمدينة الإعلام قطر.
إنها شهادة على قدرة قطر على توحيد الأمة حول مبادرة إبداعية ومبتكرة، من خلال دمج التقنيات المتقدمة مع المشاركة المجتمعية والمساهمة في تنويع اقتصاد، وهي إنجاز تاريخي حقاً، إنها تمثيل مرئي مذهل لتطلعات الأمة الجماعية، تم الكشف عنه في اليوم الوطني لقطر، كهدية للأمة، من قبل الأمة، لترسل دولة قطر رسالة واضحة إلى العالم “قطر ليست مجرد جزء من المستقبل، بل هي من تشكله”.
#صحيفة_الثورة