الثورة – لينا إسماعيل:
ورد في خطاب رئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع للسوريين توصيف (المعذبون والمعذبات)، وذلك ضمن سياق المشاركة الجماعية في عملية التحرير، والأثمان التي دُفعَت للوصول إلى الحرية، ويعتبر هذا التوصيف محاكاة غير مسبوقة ليس لمن ذاقوا أنواع القهر والعذاب في أقبية وسجون النظام البائد فحسب، وإنما كل من تعلقت قلوبهم بهم من آباء وأمهات وزوجات وأولاد وأخوة وأخوات.
“الثورة ” خصت هذه الوقفة للحوار مع عدد من كبار السن ممن عاشوا تفاصيل ثورة الحرية وارتداداتها عليهم عبر السنوات الماضية، كما يعيشون اليوم نشوة التحرير وانفراجاته الميمونة.
تشابه أسماء
السيدة صبيحة إسماعيل (أم أحمد) تبلغ من العمر 72 عاماً، تحدثت بمرارة عن وجع الفراق وعذاب الحنين الذي لازمها عشر سنوات، منذ أن سافر ابنها الوحيد إلى أوروبا مرغماً رغم نجاحه في وطنه وعمله الإداري المشهود له.
إلا أن الضغوطات التي كان يتعرض لها من تحقيق وتهديد ما بين الفروع الأمنية نتيجة تشابه الأسماء فقط كانت مرعبة، وقالت: حرمت من وجود ابني الوحيد بجانبي، ومن أحفادي الذين ولدوا وكبروا بعيداً عني، لكنني تعاليت على ألم الفراق مقابل أن ينعم ابني بالأمان، أنا من أقنعته بالسفر رغم أن فراقه يعني توقف بهجة الحياة بالنسبة لي ولوالده ومعناها، ولذلك لم تسعن الفرحة يوم انتصار الثورة وأني سألتقي بهم مجدداً، وها أنا انتظر عودتهم بفارغ الصبر.
فرحة العودة إلى الديار والأهل
العم جمال حاج أحمد (أبو محمد)، تحدث إلينا من ألمانيا معبراً عن فرحته بعودته القريبة إلى ربوع الوطن، بعد أن هاجر منذ سنوات خوفاً على ولديه من القصف الذي طال منطقة سكنهم في حلب، كان الفتيان محمد وحسان بعمر الزهور، واليوم أصبحا شابين متشوقين للعودة إلى وطنهم وبيتهم وذكريات طفولتهم، حدثنا معبراً عن شوقه للعودة القريبة إلى بيته في منطقة سيف الدولة، وزيارة قبور والديه وأخوته، وعن وحشة غربته المريرة التي لازمته طويلاً بعيداً عن موطنه.
زفة العريس في ربوع وطنه
السيدة عواطف مصطفى حسن، من ريف دمشق- عربين، عبرت عن فرحتها بزيارة ابنها الذي شاركته فرحة خطوبته قبل شهر واحد فقط على شاشة الموبايل، كانت تخفي حزنها وغصة قلبها لبعده عنها، ولأنها اختزلت كل مشاعر الفرح والسعادة بيوم خطبته بابتسامة على شاشة زرقاء.
قالت: كنت أتمنى أن احضنه وأنا أزغرد، أن أختار له طقم الخطوبة وأرش عليه عطر الحب، لكن الأمل كان مفقوداً برؤيته لولا نصر التحرير، اليوم نستعد لحفل زفافه بيننا، بين أهله وخلانه وما أجملها من فرحة بعد صبر طويل.
لأفراح التحرير وجه آخر
العم ديب زهرة من دمشق- دمر البلد، عاش سنوات طويلة على أمل سماع ولو خبر عن ولديه الشابين المفقودين منذ اندلاع الثورة، لم يترك باباً لم يطرقه دون جدوى، فتراجعت حالته الصحية وبدأ يذوي شيئاً فشيئاً كلما زادت سنوات الفراق مجهول المصير.
حدثنا بحرقة صاحبت كلماته الأولى (الحمد لله)، مضيفاً: نشكر الله أن طمأن قلوبنا مع بداية التحرير أن ابني المعتقل حسام ديب زهرة الذي اعتقلوه مع أخيه حسان من حاجز دمر، الفرع 215 الوزان، أحد شهداء سجن صيدنايا، لقد شاهدت اسمه في قائمة الشهداء.
أما ابني الثاني حسان ديب زهرة فلم أعرف عنه أي معلومات حتى اليوم، ولم نستلم لا شهادة وفاة ولا حتى بطاقات شخصية لهما، كان لدينا أمل بأنهما أحياء لكن حمداً لله على حرية سوريا وأهلها التي دفع أولادي وكثير من أبناء الوطن ثمنها حياتهم وسعادة قلوبنا معهم.
#صحيفة_الثورة