الثورة – بتول عبدو:
الخير في التجديد والجديد على مستوى الألبسة نسيه المواطن السوري صاحب الدخل المحدود لسنوات، واقتصر جديده على انتظار موسم التنزيلات، ليتمكن ولو مرة في العام أن يشتري ما يحتاجه من ملابس للموسم التالي، بعد أن وصلت أسعار الملابس في موسمها لأرقام فلكية، جعلت من عيونه تدور حول الرقم المكتوب جانب كل قطعة في محال الألبسة أو المولات التي زاد سعر الألبسة في معارضها أكثر، فهي لا تحتوي إلا على الماركات، والتي أيضا شكلت حلما لذوي الدخل المحدود أو المعدوم إذا صح التعبير.
لا تناسب الرواتب
ومما لاشك فيه أن أعلى راتب للموظف في سوريا لا يتعدى المليون ليرة مع الإضافات والعلاوات وغيرها في القطاع الخاص، أما الموظف في القطاع العام، لم يتجاوز راتبه النصف مليون أو الثلاثمائة ألف.
وطبعا المليون الأولى لموظف الدرجة الأولى، ربما تكفي ثمن بدلة رسمية مثلاً بجودة متوسطة لأن النخب الأول أو بدلات الماركات فاق سعرها الثلاثة ملايين أو أربعة بحسب ماركتها وصناعتها، وسعرها ينسحب على أسعار باقي الألبسة من بلوزات، جينزات، معاطف، شالات وكل شيء.
والأمر لا يقتصر على ارتفاع أسعار الألبسة فقط بل باتت أسعار الأحذية والحقائب تضاهيها، ويعادل سعر الحذاء أو الحقيبة دخل موظف فكانت الفكاهة والسخرية ترافق الناس على الرغم من الألم عند التفكير بواقع الحال الذي وصلوا إليه.
فيقول الموظف إبراهيم سعيد: أقبض راتباً يشتري لي بنطال جينز، وسأنتظر الشهر القادم لأشتري الحذاء وهكذا.
الموضة
ويعبر ماهر أحمد عن حزنه بقوله “راتبي يشتري لي حذاء أو حقيبة، أي أنه من المفترض أن موسم التنزيلات فرصة للموظفين بشكل خاص، وباقي الفئات بشكل عام لشراء ما يلزمهم في نهاية الموسم ليلبسوه جديداً في الموسم التالي، وسيكون من حسن حظهم إذا دامت الموضة لعدة مواسم متتالية لمن يهتم بها.
وفي موسم التنزيلات رصدت “الثورة” سوق الصالحية وباب توما، والمعارض في المولات، واطلعت على الأسعار بعد التنزيلات، فمنهم من خفضوا أسعار بضائعهم إلى خمسين بالمئة، ومنهم إلى سبعين بالمئة، وبعضها تنزيلات حقيقية وأخرى كانت وهمية كزيادة صفر، وحذفه على سعر القطعة كما كان يحدث في الأعوام الماضية.
وبالمجمل فإن تنزيلات هذا العام اختلفت كثيراً عن العام الماضي، فهي تنزيلات حقيقية بالفعل، وعوامل عديدة ساهمت بأن تكون حقيقية أولها تغير النظام الجمركي وانخفاض سعر الدولار، والقرارات الكثيرة التي تصدر تباعاً فيما يخص استيراد المواد الأولية وتخفيض أسعارها.
توفر السيولة
أما السبب الآخر والأهم هو تكدس البضائع نتيجة ضعف القوة الشرائية وعدم توفر السيولة لدى الناس بشكل عام، وعدم استلام الموظفين لرواتبهم لأكثر من شهرين أو فصلهم، وهو سبب جوهري جعل الناس تحجم عن شراء أي نوع من الألبسة مكتفين بالقديم الموجود لديهم، ليتمكنوا من شراء الغذاء والأدوية والحاجيات الأساسية بالمال الذي يدخرونه إن وجد.
الأسعار
إحدى موظفات القطاع الخاص تدعى عبير السالم قالت: أنتظر موسم التنزيلات كل عام وأشتري الملابس التي لم أتمكن من شرائها بموسمها بسبب أسعارها المرتفعة جداً، أما اليوم استطعت أن أشتري لباسا رياضيا بمئة ألف ليرة أي بنصف الثمن، وبنطال جينز وحذاء وحقيبة بمبلغ ٣٠٠ ألف ليرة، وكان سعرهم حوالي نصف مليون، وطبعاً هناك أسعار أغلى لكن استطعت شراء ما أحب بمبلغ مقبول نوعا ما.
آراء
عمار وسها زوجان يشتريان ملابس أطفال من أحد المحال بسوق القصاع، ويقول عمار: ننتظر التنزيلات لكسوة أطفالنا لأن دخلي على الرغم من ارتفاعه نسبياً، كوني أعمل على حسابي لم يكن يكفي لكسوة أولادي نتيجة غلاء أسعار ألبسة الأطفال، أما الآن بموسم التنزيلات اشتريت فستانا وحذاء لابنتي بسعر٢٠٠ ألف ليرة وكان سعرهما ٥٠٠ ألف ليرة، واشتريت لباسا رياضيا وجاكيتا وبنطالا وقميصا لابني بسعر ٣٠٠ ألف ليرة، وكان سعرهم ٦٠٠ ألف ليرة في الموسم إضافة لبيحامة رجالية بسعر ٢٥٠ ألف ليرة بنصف ثمنها، أي أصبح مبلغ المليون ليرة يكفي لشراء ملابس الأسرة كاملة بموسم التنزيلات لهذا نعتبره كالعيد.
أما هدى قطان كانت تتجول مع أولادها في سوق جرمانا وأخبرتنا أنها جاءت للفرجة فقط، ولا تملك إلا ثمن الخبز كونها لم تقبض راتبها هي وزوجها منذ شهرين، وحتى لو قبضنا الراتب لن نتمكن من شراء أي قطعة على الرغم من التنزيلات.
الجمل بليرة
ولنتذكر المثل القائل: “الجمل بليرة وما معنا ليرة” وللأسف هذا حال أغلب السوريين، فالتنزيلات على كل البضائع بأشكالها وأنواعها لكن الجيوب فارغة.
#صحيفة_الثورة