الثورة – ناصر منذر:
أمام التحديات الداخلية على مسار إعادة بناء الدولة بما يحفظ سيادتها ووحدة أراضيها، تبرز مسألة المفاوضات مع قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، للانخراط في مؤسسات الدولة، والتي يفترض أن تكون نتائجها لمصلحة الدولة و وحدة أراضيها، حيث سارت إدارة سوريا الجديدة على طريق الحوار وإيجاد حل سياسي شامل، من دون اللجوء إلى الخيار العسكري، على اعتبار أن الأكراد هم مكون رئيسي من نسيج المجتمع السوري.
فبعد سقوط النظام المخلوع، فتحت الإدارة الجديدة أبواب التفاوض مع “قسد”، مع تأكيد رفضها المطلق بتقسيم البلاد تحت أي مسمى كان، ودعت وزارة الدفاع، قوات سوريا الديمقراطية، للاندماج تحت مظلة الوزارة، كما فعلت بقية الفصائل المسلحة، ولكن “قسد” كانت تريد الاندماج ككيان مستقل، وهو ما ترفضه الوزارة بسبب ضرره الكبير على المصلحة الوطنية العليا.
وفي سياق المد والجزر قدمت “قسد” رؤيتها كقاعدة ارتكاز تسير وفقها المفاوضات مع الإدارة الجديدة، وذلك إثر اجتماع ضم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ومجلس سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا، وفق ما أعلنته وسائل إعلامية كالعربي الجديد وقناة العربية، حيث أكدت “قسد” استعدادها لدمج قواتها العسكرية والأمنية في الجيش واستبعاد المقاتلين الأجانب من صفوفها، والعمل مع الحكومة على إعادة تفعيل مؤسسات الدولة في مناطق شمال شرقي سوريا.
وأكد الاتفاق – كما سربته تلك الوسائل- على تكثيف الاجتماعات والتنسيق مع الحكومة في دمشق لتعزيز التعاون حول القضايا الوطنية، كما تم التأكيد على وحدة سوريا وتسهيل عودة النازحين والمهجرين إلى مدنهم وقراهم وتوفير الظروف الملائمة لحياتهم، بالإضافة إلى الاتفاق على تشكيل لجان مشتركة لوضع خطط وآليات تنفيذية لضمان تطبيق هذه البنود بشكل فعال.
كذلك تم الاتفاق على تهنئة ودعوة الرئيس أحمد الشرع لزيارة شمال وشرق سوريا.
وبحسب بيان صادر عن “قسد”، نقله تلفزيون سوريا، فقد تم خلال الاجتماع التأكيد على “البدء بعقد سلسلة من الاجتماعات المحلية في جميع مدن شمال وشرق سوريا، إضافة إلى لقاءات مع ممثلي ونخب مختلف فئات المجتمع، بهدف تحقيق مشاركة فعالة وشاملة لجميع المكونات في العملية السياسية”.
وأشار البيان إلى أن الاجتماع شدد على “أهمية الحوار القائم مع دمشق حتى الآن، وضرورة إنجاحه، مع إيجاد حلول للجزئيات والقضايا قيد النقاش عبر التوصل إلى آلية تنفيذ مناسبة، لاسيما فيما يتعلق بـ (دمج المؤسسات العسكرية والإدارية، عودة المهجرين قسراً إلى مناطقهم الأصلية، وغيرها من القضايا)” لافتاً إلى “ضرورة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، باعتباره خطوة لا بد منها لتحقيق تقدم في الحوار”.
إن الرئاسة السورية ومؤسسات الدولة تكرس جهودها اليوم على ضمان بسط سيادة الدولة على كامل أراضيها، وتجد في باب التفاوض وفق ضوابط ومعايير وطنية، سبيلاً لإيجاد حل يضمن الأمن والاستقرار للدولة، وبدورها تتحدث “قسد” عن استعدادها لحل نفسها، ودمج قواتها في الجيش وفق صيغة مناسبة، وتقول أيضاً أنها لا ترغب بالتقسيم، وإنما لعب دور في إعادة البناء، والمشاركة في الحكومة، ما يعني وجود قواسم مشتركة يمكن البناء عليها، للوصول إلى حل يخدم المصلحة الوطنية العليا.
وهنا لا بد من التأكيد على وجوب أن يكون الحوار بعيداً عن أي تدخلات أجنبية، وبحال وضعت المصلحة الوطنية العليا كهدف رئيسي، فإن السوريين قادرون على إيجاد صيغ مناسبة، تفضي إلى توافق وطني، بما يخدم وحدة سوريا ويصون سيادتها.
ولا بد من الإشارة في هذا السياق أيضاً، إلى أن وكالة الصحافة الفرنسية نقلت في وقت سابق عن مسؤول مطلع أن الرئيس الشرع كان قد التقى في نهاية كانون الأول الماضي وفداً من “قسد” للمرة الأولى منذ سقوط النظام المخلوع، وحينها نقلت أن الشرع أجرى محادثات مع وفد من قيادات “قسد”، مشيراً إلى أن “المحادثات كانت إيجابية”.
وذكر المصدر أن الاجتماع “كان لقاءً تمهيدياً لوضع أساس للحوار المستقبلي”، مضيفاً أنه “تم الاتفاق على مواصلة اللقاءات للوصول لتفاهمات مستقبلية”.
#صحيفة_الثورة