“الحوار ليس كيف يتحاور الناس فقط، بل كيف يصلون معاً إلى المفهوم، يعني إلى الحقيقة، لأن الحقيقة خارج المفهوم غير موجودة، وبالتالي فالهدف من الحوار هو الوصول إلى مفاتيح المعرفة، من دون ذلك يكون هناك استبداد، ولا تستقيم حركة الفكر مع الاستبداد”.
أستذكر مقولة أفلاطون في أيام نتهيأ بها للحوار، والسؤال الذي يطرح نفسه هل تحجز الثقافة لنفسها مكاناً في الجلسات الحواريّة التحضيريّة لمؤتمر الحوار الوطني المرتقب؟ وهل يجمع الحوار المثقفين باختلافهم وخِلافهم على طاولته، محافظاً على خصوصيّتها، فبالرغم من العمل على إنجاح الحوار والخروج بمقوّمات ترضي الجميع، فلا بد منه والنظر إليه على أنّه ووفقاً لبوبر” الحوار مغامرة غير معروفة النتائج، هي عملية إبداع، يفاجئ الإنسان فيها نفسه، والحوار علاقة أمان، شبيهة بعلاقة الطفل بأمه، فالخوف يدمّر الحوار، لأنه يمنع ظهور الناس كما هم.. لهذا، فإن عمليّة التأمين جزء من التزام كل طرف بالحوار مع الآخر».
لذا من المهم أن يكون حوارنا نحن المثقّفين شفافاً لنضمّد جرح آلامنا ونعترف بتقصيرنا، ونزيل الستار عن عيوب المشهد الثقافي الذي نتحدّث عنه جهراً، ونخاف أن نناقشه علانيّة، هذه الأمور لا نريد الإجابة عليها بحبرٍ على ورق بقدر ما نناقشها معاً بمختلف ثقافاتنا وانتماءاتنا، نخطّ قوانينها ونرسم رؤيتها المستقبليّة ونعيد تشكيلها، فبالنهاية الحوار ثقافة يكسر باب العزلة والانطواء ويرسم آفاقاً للحياة والحضارة والتقدّم.