من أخطر حلقات تدمير التراث.. مستشارة المخلوع وزوجته صفقات واستيلاء على التكية السليمانية

الثورة – جاك وهبه:
لطالما كانت الحرف اليدوية جزءاً لا يتجزأ من الهوية السورية، حيث اشتهرت البلاد على مدى قرون بصناعات تراثية متميزة مثل العود الدمشقي، النسيج اليدوي، التطعيم بالصدف، وحرف أخرى تعكس أصالة وتاريخ دمشق والمدن السورية العريقة. إلا أن هذا الإرث لم يسلم من سياسات النظام البائد، الذي لم يكتفِ بإهمال الحرفيين، بل ساهم بشكل ممنهج في تدمير هذا القطاع عبر قرارات اقتصادية مجحفة، وتدخلات سياسية أفرغت المهن الحرفية من محتواها وأقصت أصحابها الحقيقيين.

تضييق متعمد في ظل هذه السياسات، واجه الحرفيون السوريون تضييقاً متعمداً، تمثل في منع استيراد المواد الأولية، وفرض رسوم جمركية مرتفعة على المستلزمات الأساسية، مما جعل الاستمرار في هذه المهن ضرباً من المستحيل.

ولم يكن الأمر مقتصراً على الاقتصاد، بل امتد إلى استهداف الحرفيين أنفسهم، عبر حرمانهم من فرص العمل ما لم يكونوا موالين للنظام، وحتى تهجيرهم قسراً من أماكن عملهم التاريخية لصالح مشاريع استثمارية تديرها شخصيات نافذة في السلطة.

سياسات قمعية

في هذا السياق، يكشف المدير التنفيذي لحاضنة دمر الحرفية، لؤي شكو، عن تفاصيل هذه السياسات القمعية، موضحاً كيف لعب النظام البائد دوراً أساسياً في اندثار الحرف التراثية واستهداف الحرفيين، في واحدة من أخطر حلقات التدمير الثقافي والاقتصادي التي شهدتها البلاد.

قرارات مجحفة

وقد أكد شكو، في تصريح خاص لصحيفة الثورة، أن النظام البائد لم يقدم دعماً حقيقياً للحرفيين، بل ساهم في اندثار الحرف التراثية عبر قرارات مجحفة أدت إلى تراجع هذا القطاع بشكل خطير.

قيود خانقة

وأوضح شكو أن النظام البائد كان يعلن إعلامياً دعمه للحرفيين، لكنه على أرض الواقع منع استيراد مستلزمات إنتاج الحرف التراثية أو رفع رسوم الجمارك عليها، مما جعل الحصول على المواد الأولية أمراً شبه مستحيل، وضرب مثالاً العود الدمشقي المشهور عالمياً، الذي يُمنع استيراد أوتاره، مما اضطر الحرفيين إلى شرائها من السوق السوداء بأسعار باهظة، كما مُنع استيراد الأصبغة اللازمة للنسيج الدمشقي، وفرضت رسوم مرتفعة على استيراد الصدف، رغم أنه مادة أولية تستخدم في الحرف الدمشقية.

استهداف الحرفيين وإقصاؤهم من العمل

كشف شكو أن النظام البائد مارس ضغوطاً كبيرة على الحرفيين لمنعهم من الاستمرار في عملهم، وتم طرد ومنع ترشيح أي حرفي لم يكن أحد أبنائه في جيش النظام البائد، مما أدى إلى فقدان الكثير من الكفاءات، وأوضح أن بعض الجمعيات التي كانت تضم أكثر من 2500 حرفي لم يبقَ فيها سوى أربعة حرفيين فقط بسبب هذه السياسات القمعية، مما أدى إلى انهيار المهن التقليدية وغياب الورش التي كانت تُشكل جزءاً أساسياً من الاقتصاد الحرفي في البلاد.

التدخل في النقابات

وأشار شكو إلى أن هيمنة “حزب البعث” على النقابات والمنظمات الحرفية أثرت بشكل كبير على مستقبل الحرفيين، حيث تم تهميش الكفاءات لمصلحة الولاء السياسي، وتحويل هذه النقابات إلى أدوات للسيطرة بدلاً من أن تكون منصات لدعم الحرفيين، وأوضح أن الحاضنة رفعت دعوى قضائية فور انتصار الثورة أمام محكمة البداية الرابعة عشرة، للمطالبة بشطب اسم “حزب البعث” من جميع التراخيص والقرارات الخاصة بالحاضنة، في خطوة تهدف إلى إعادة الاستقلالية لهذا القطاع بعيدًا عن التدخلات السياسية.

التهجير القسري

وتطرق شكو إلى مأساة حرفيي التكية السليمانية الذين تم تهجيرهم قسراً، بعد أن تم خداعهم بأن النقل إلى حاضنة دمر سيكون مؤقتاً لحين انتهاء ترميم التكية، لكن الهدف الحقيقي كان استيلاء زوجة المخلوع على التكية وتحويلها إلى مشاريع استثمارية.

“شعبان” ومحاولة الهروب

وكشف شكو عن واقعة لافتة حدثت قبل سقوط النظام بأيام، حيث قامت بثينة شعبان بزيارة مفاجئة إلى الحاضنة وأخذت كميات كبيرة من التحف التراثية بحجة تقديمها كهدايا للخارج، وطلبت عدم تصويرها، ليتضح لاحقاً أنها كانت تستعد للهرب.

الهوية الثقافية في خطر

وختم شكو حديثه بالتأكيد على أن الثورة السورية كانت أيضاً معركة لحماية الهوية الثقافية للبلاد، وأن الحاضنة مستمرة في الدفاع عن حقوق الحرفيين وإعادة الاعتبار للتراث السوري، رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها هذه المهن بعد سنوات من التدمير الممنهج.

آخر الأخبار
جامعتا حلب وغازي عنتاب.. شراكة أكاديمية مثمرة "نسج الأمل" هل ينعش صناعة الألبسة والنسيج بحلب؟ "لعيونك يا حلب".. حملة إنقاذ عمراني تعيد الأمل لحي الصاخور قطر: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا تهديد للسلم وانتهاك للقانون الدولي سقط الأسد.. ولكن هل يستطيع السوريون العودة إلى الوطن؟ محادثات أميركية في تركيا حول رفع العقوبات المفروضة على سوريا يؤجج النزاعات ويعيد إنتاج العنف.. ياسر الحموي لـ"الثورة": خطاب الكراهية أخطر من السلاح مجرد شائعات.. الحياة طبيعية في أشرفية صحنايا الأردن: إعداد روزنامة زراعية مع سوريا لضمان تدفق منتظم للمنتجات المشاريع الأسرية ..المنقذ من الفقر والحاجة أكرم عفيف: فرص عمل ذاتية تُقلل من الاعتماد على الوظائف ا... أهالٍ من حلب: السوريون يحتضنهم الوطن وتوحدهم الإنسانية د. ريم سليون لـ"الثورة": قوة سوريا في وحدتها.. وعدم الانجرار وراء الشائعات المدمرة 18 حريقاً خلال 24 ساعة.. والدفاع المدني يتدخل في عدة محافظات يعملون بلا أضواء.. "المجتمع الأهلي" ينسج الحياة بخيوط التطوع في بيت ياشوط امتحان "الفرنسية" يُنهي التوتر.. والطلاب بين الارتياح والحذر "صحة درعا": عيادات متنقلة وخدمات طبية متنوعة للمهجرين من السويداء فعاليات من طرطوس..تقرير لجنة تقصي الحقائق سيعزز الاستقرار والسلم الأهلي أسر تعاني الفقر في ظل غياب الدخل.. أين البدائل؟ عامر خربوطلي لـ"الثورة":على الغرف التجارية التحرك لدعم محركات ريادة الأعمال لنكن يداً واحدة لمحاربة التضليل الإعلامي