الثورة – قصة – هلال عون
قبيل غياب الشمس بقليل كان أبو أسامة عائداً من حقله المزروع بأشجار الزيتون والتين والرمان والعنب. وفي منتصف الطريق، رأى عصفوراً مكسور الجناح تحت شجرة رمان. اقترب أبو أسامة من العصفور فرأى نقاط الدم المختلطة بالتراب على جناحه، ولاحظ أنه ينبض فحمله بين يديه بلطف، وتابع مسيره إلى منزله. عندما وصل إلى باب منزله الريفي الجميل ركض ولداه (أسامة- صف ثالث، وزياد- صف أول ابتدائي) إلى باب الدار لاستقباله، ولمعرفة ماذا جلب لهما معه من الحقل.. فعانقهما، ثم أعطاهما سلة صغيرة مليئة بالعنب. ولكنهما أهملا سلّة العنب ووضعاها جانباً عندما لاحظا العصفور بيده، وسألاه بحزن عن سبب الدم على جناحه، فحكى لهما القصة. وقال لهما: سنعتني به، وسيشفى بإذن الله، ثم سنتركه ليعود إلى الطيران مع أصدقائه في الجو. ارتاح أسامة وزياد لتطمينات أبيهما، وبقيا إلى جانبه، يتابعانه بكل اهتمام، وهو يمسح التراب والدماء بالقطن عن جناح العصفور الذي فتح عينيه وزقزق بصوت خفيض، فأثار كل مشاعر السعادة والأمل لدى الطفلين، اللذين دخلا بسرعة إلى المطبخ وعادا برغيف خبز لإطعام العصفور، وقطّعا منه قطعاً صغيرة بحجم حبة القمح وبدأا بإطعامه بكل لطف وحذر ومودّة. بعد ذلك قال لهما والدهما: سنصنع جبيرة لجناحه المكسور، ثم جاء بقطعتين رقيقتين صغيرتين من الخشب ووضعهما على جانبي الجناح، ثم لفّ فوقهما قماشة وثبتها برباط من الخيط. وبقي العصفور عشرة أيام، لاقى خلالها كل الاهتمام، ثم فكّ الأب الجبيرة بترقب شديد من قبل الطفلين، فرفرف العصفور بجناحيه، وهو ينظر إليهم ويزقزق بفرح، وكأنه يقول لهم: شكراً لكم يا أجمل الأصدقاء. فرح الجميع وضمّه كلٌّ منهم إلى صدره بمحبة. وبعد ذلك وضعه الأب على راحة كفّه وأطلقه، فحلّق في الجو، هو يزقزق فرحاً. ومنذ ذلك الحين، والعصفور يمر فوق دار أبي أسامة ويزقزق تعبيراً عن محبته لهم.
#صحيفة_الثورة
