الثورة – سمر حمامة:
في شهر رمضان تضاء القلوب بنور الإيمان وتتهلل شوقاً لنفحاته الزكية العطرة، وتهفو لاستقبال أيامه المباركة، وكأنها على موعد مع زمن مختلف، تفيض فيه البركات وتصفو فيه النفوس، إنه الشهر الذي تتجلى فيه الرحمات، ويتسابق العابدون لنيل المغفرة ويتنافس الصالحون في دروب الطاعة، وتفتح أبواب الجنان، وينادي مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، وهو شهر استثنائي يحمل في طياته الكثير من المعاني الإنسانية والعائلية، هو موسم من الروحانية والتأمل والتراحم، حيث تتجلى القيم السامية وتتعمق الروابط الأسرية، إنه الشهر الذي تتفتح فيه القلوب على الخير، وتفيض بالمحبة، وتنعش الذكريات التي تبقى خالدة في الوجدان.
شهر رمضان ليس مجرد شهر للصيام والامتناع عن الطعام والشراب، بل هو محطة لتهذيب النفوس والسمو بالروح وترويضها على الصبر، وتعين على مجاهدة الهوى، في لياليه ترفع الأكف بالدعاء وتنهمر الدموع بالخشوع وتنزل السكينة على القلوب الطاهرة، ولكل شخص ذكريات خاصة مع رمضان، سواء كانت ترتبط بطفولته، حيث كان يتابع بشغف أجواء التحضير للإفطار، أم لحظات انتظار مدفع الإفطار، أم ليالي التراويح المفعمة بالخشوع، أم حتى تلك الأوقات التي كانت تجتمع فيها مع أفراد العائلة حول مائدة الطعام وسط أجواء يغمرها الحب والضحك، هذه الذكريات تظل محفورة في الوجدان وتزداد قيمتها مع مرور الزمن لأنها تختزل أوقاتاً من الصفاء والتآلف لن تتكرر بنفس التفاصيل، لكنها تبقى في القلب كنسائم دافئة تعيدنا إلى أجمل اللحظات.
وما أجمل ليالي رمضان حين تصدح المساجد بتلاوات خاشعة وتتهادى الأرواح في ركعات تفيض بالسكينة، فصلاة التراويح هي جلسة روحية تأنس بها الأرواح في محراب الطاعة، وتتجلى فيها معاني العبودية، ويتذوق العبد فيها حلاوة القرب من الله، فتخشع جوارحه وتدمع عيناه ويشعر بأنه في ضيافة الرحمن، إنها لحظات تهز الوجدان وتقرب العبد من مولاه فيشعر بحلاوة الطاعة ولذة القرب.ويعد رمضان مدرسة للأخلاق وساحة يتسابق فيها أهل الإحسان، ويبقى الأمل معقوداً أن نكون من الفائزين بقبول الطاعات، فلنجعل من رمضان نقطة انطلاق نحو الأفضل وليس مجرد شهر نمر به ونغادره، فهنيئاً لمن أحسن الصيام، وأخلص القيام واستزاد من الخيرات.
#صحيفة_الثورة