رنا بدري سلوم:
في كل مرة أقف عاتبة أمام شجرٍ آن له أن يزهر في ربيعٍ مرافق ليوم المرأة، مستذكرة سقراط وتشبيهه للمرأة مثل: “الشجرة المسمومة التي يكون ظاهرها جميلاً، لكنّ الطيور تموت عندما تأكلُ منها”، فلسفةٌ ربطت فكرة المرأة بالطبيعة بنظرة أشبه بالسوداويّة، فقد وجد أرسطو “أنّ المرأة رجل غير كامل، وقد تركتها الطبيعة في الدرك الأسفل من سُلم الخليقة”، هذا إن ربطنا فكرة المرأة بالربيع، فإن التحضّر والمدينة الفاضلة عند “أفلاطون” والتي تحدّث عنها في كتاب “الجمهورية” لم تتسع للمرأة بكيانها الجوهريّ أيضاً، وهو من رأى أن المرأة أدنى من الرجل في العقل والفضيلة، وكان يأسف أنه ابن امرأة، ويزدري أُمّه لأنها أنثى!.
صورٌ مختلفة في عقليّة بعضنا تظهر عند الرأي العام نتيجة ممارساتٍ واقعيّة وليست نظرة فلسفيّة خاصة وحسب، لتكون نتائج وليست أسباباً، تثبت أن العدو الحقيقي للمرأة هو ذلك الكيان المستتر والمحرّك لكل الانفعالات التي نلاحظها، وهي تلك التنشئة الاجتماعيّة التي حوّرت مشاعرها تجاه نفسها وأفقدتها الشّعور بقضاياها ووجودها، وجعلتها مؤمنة بأنها ضلعٌ قاصر فقط.
وما يؤسفني أنه رغم التطوّر العلمي والثقافي الحاصل في عالمنا تظهر الصور السلبيّة لنظرة المرأة من امرأة مثقّفة واعية لتغدو عدو نفسها، غير مدركة أنّها صاحبة الموقف، وعليها أن تنتزع دورها الإيجابيّ والحق، وتمثّله على أكمل وجه بدءاً من نفسها وأسرتها ومجتمعها، وبالعودة إلى الشّجرة التي أثارت اهتمامي ووقفت أمامها مطولاً ألا تجدون معي أن المرأة متعطّشة لكلمة الطيّبة تُزهر بها روحها، كلمة تثبّت بها جذورها كشجرة طيّبة تصل فروعها السّماء!.
#صحيفة_الثورة