فؤاد مسعد:
كاميرا ثابتة ترصد أبنية مدمرة ويتوسط الكادرحاوية قمامة، أما حركة السيارات والمارة فضئيلة وتكاد تكون شبه معدومة، هكذا بدا المشهد الذي تحدثت فيه الفتاة عن علاقتها بمدينتها حمص ضمن الفيلم الوثائقي “ذاكرتي مليئة بالأشباح” إخراج أنس زواهري.فوسط كادرثابت ينقل ثقل نبض المكان الموحش، يتناهى إلى مسامعنا صوتها من دون أن نراها لتحكي مونولوجها المؤلم، طارحة شذرات من أفكارها عن الماضي والحاضروربما المستقبل، وعن علاقتها مع مدينتها. جاء صوتها مميزاً بلهجته المحلية متناولة فترة الحرب، تقول “ما بحس إني سمحت لحالي أتأثر كثيراً بهذه الحالة من الرعب أو الخوف التي كانت منتشرة ، يمكن كنت عم اهرب من ذلك” ثم تتطرق لشكل علاقتها مع المدينة بعد الحرب حيث حلّ الدمار في الحجر والنفوس، مؤكدة أنها علاقة مضطربة في بعض الأماكن، ولكنّها بالوقت نفسه هي تحب المكان وشوارعه والأشخاص فيه والذكريات.تكرار اللقطات الثابتة أوحى بمكان مُشبع بالأرواح المُتعبة لأشخاص عادوا إلى مدينتهم بعد حرب مدمرة وخراب طال النفوس كما طال الحجر، ساعين للبحث عن الحياة وسط ركام من الذكريات الموجعة، هي سردية لذكريات تنقل تجارب إنسانية مؤثرة ولتحّولات غاصت عميقاً حدّ العمق، وتوثيق لحالهم ما بعد الصدمة، حيث عبروا عن مشاعرهم كما أحسوا بها.سعى الفيلم لأن يُدخل المتلقي ضمن عوالم ذاكرة المكان، متلمساً الماضي بأوجاعه الواخزة والحاضرالمُنهك، ولكن يبقى الأمل بالمستقبل، وهو ما انتهى به الفيلم، الذي جاء أشبه بقصيدة رثاء مثيراً العديد من الأسئلة في فكرالمتلقي.”ذاكرتي مليئة بالأشباح” الذي يقع في “74 دقيقة” لا يزال يحقق حضوره في العديد من المهرجانات حول العالم، إذ سيكون حاضراً في مهرجان الفيلم العربي في أوسلو “النرويج” بين 3 و 5 من شهر نيسان القادم. وسبق له نيل عدة جوائز، منها جائزة أفضل فيلم عربي وثائقي في مهرجان الجونة السينمائي السابع مناصفة مع فيلم مصري، وجائزة الإشارة الخاصة في الدورة 55 من مهرجان “رؤى الواقع” بمدينة “نيون” في سويسرا.ومن المهرجانات التي عُرض فيها نذكر المهرجان الدولي لحقوق الإنسان “عالم واحد” في مدينة براغ بالتشيك، الدورة 23 لمهرجان الأفلام الوثائقية “لقاءات سينمائية أخرى” في الإكوادور، المهرجان الدولي السينمائي في بوينس أيرس بالأرجنتين.
السابق
1 من 4
التالي