الثورة – رفاه الدروبي:
ركَّز الفنان التشكيلي أسعد فرزات على الوجوه في معرض “وجوه من بلدي”، بطريقة تشاركت معها العاطفة والتضاريس الحسِّيَّة واللونيَّة، للإضاءات على حالات إنسانية واقعية في معرض ضمَّ ١٤ لوحة فنية، متَّبعاً أسلوباً انطباعياً، حيث استخدم ألوان الإكريليك ثم عرضها في صالة عشتار للفنون الجميلة بدمشق.
حاول الفنان التشكيلي أسعد فرزات إيصال أفكار المعرض الإنسانية للمتلقي في معرض خصَّ فيه الجمهور الدمشقي باعتباره يحمل فيه تفصيلاً لآلام المهجَّرين والمعذبيَّن في سوريا من النظام البائد لوجوه بعضها فارقت الحياة، إمّا من القذائف أو بقيت بمصير مجهول في غياهب السجون، عبَّر عنها بأحاسيس بدت على وجوهٍ من لحم ودم تقطر حزناً وأسى وألماً.
اختار اللون الأسود المسيطر على أغلبية مساحات لوحاته، وكان الهدف منه التعبير عن أشخاص تفحَّمت أجسادهم، وتركت أثراً في النفس لا يُمحى، كما قصد باللون الرمادي بقايا رماد الحرائق والمنازل باعتبارها تركت جرحاً غائراً لدى أصحابها لتبقى في مهب الريح تعصف في أرجائها، بينما كان اللون الأحمر يدلُّ على الضوء، وكرمز للدم النازف من الضحايا الأبرياء من رووا لها أرض الوطن خلال سنوات الحرب.
كما يرى أنَّه لم يعد يكترث للتقنية في الرسم بقدر ما يوجِّه اهتمامه لإيصال الفكرة للمتلقي بأقل قدر من اللون وإيصال رسالة عن مآسي أهل بلده، رغم أن بعض الفنانين يلجؤون إلى رسم وجوه الآخرين بحثاً عن وجوههم.
تلك معادلة لا يجيد تركيب عناصرها كثيرون، فالمسألة لا تتعلق بابتكار هيئة لوجه ما، بل استحضار لحظات شقاء تجعل الوجه نفسه لا يشبه وجهاً سواه.
بينما حاول أن ينقِّب بين الوجوه بحثاً عن وجهه الضائع، غير أنه لا يُخطئ الطريق باعتباره يتأمل عالماً يُركِّب من مفرداته مكونات جمالية يكون فيه الألم العنصر الأساس في التجربة الإنسانية، ويرى ملامح الوجوه ضاعت في المعتقلات أو ابتلعها البحر أو اندمجت مع الصقيع.