أيمن المراد
“الفكر بحر واللؤلؤ فيه الحكمة”..
الأفكار ليست مجرد خواطر عابرة تمر بعقولنا وتنتهي، بل هي كائنات حيّة تنمو وتتطور، ولها صوت يُسمع، وصدى يمتد بعيداً، فهي البذورالأولى لأي تغيير، والشرارة التي تُشعل ثورات، وتُبنى بها الحضارات، وتُخترع بها التقنيات، وتُرسم بها ملامح المستقبل.
حين يطلق الإنسان فكرة، فإنها لا تبقى محصورة في عقله، بل تسري كالضوء، تبحث عن عقول تتلقاها، وتؤمن بها، عن وعاء يحتويها، وتكمل المسير..
وهذا هو صدى الفكرة، حين تتحول من مجرد تصوّر إلى فعل، يؤثر في الآخرين، ويقود إلى نتائج ملموسة..
فكم من فكرة بدأت بكلمة عابرة، ثم نمت لتصبح حركة أو مشروعاً غيّر مجرى التاريخ.
للفكرة صوت قادر على اختراق الجدران الصماء، وتحريك القلوب الساكنة، وإثارة العقول الغافلة، وهذا الصوت لا يحتاج إلى صراخ، بل إلى صدق ووضوح، فكلما كانت الفكرة نابعة من إيمان حقيقي وهدف نبيل، كان صوتها أعمق وصداها أبقى.
ولعل من أعظم ما في الفكرة أنها لا تموت، حتى وإن واجهت الرفض أو الإهمال في بداياتها، فقد تنام سنوات، ثم تستيقظ في زمن أنسب، تجد فيه من يحييها ويؤمن بها، ولهذا فإن مسؤولية المفكرين والمبدعين لا تقف عند حدود طرح الفكرة، بل تمتد إلى تنميتها والدفاع عنها حتى تنضج، وتجد طريقها للحياة في زمن تضاربت فيه الأصوات، ويبقى لصوت الفكرة الصادقة تميّز، ولصداها تأثير، فالفكرة الصادقة، والتي تحمل مدى قبولها أو رفضها لا تحتاج إلى كثير من التجميل، بل تحتاج إلى من يمنحها الفرصة لتُسمع وتُفهم وتُطبّق.