من يراقب حركة الأسواق السورية اليوم، سيلاحظ المفارقة الواضحة.. البضائع موجودة، العروض حاضرة، والمحال مزينة كما لو أن الاقتصاد بخير..
لكن الأهم غياب القدرة الشرائية. المشكلة لم تعد في غلاء الأسعار فحسب، بل في غياب السيولة، الناس يمرّون من أمام الواجهات كمن يشاهد فيلماً ليس له دور فيه، وحتى المنحة التي كان يُعوَّل عليها كمتنفس مؤقت، لم تصل إلى كل مستحقيها، وإن وصلت، فهي بالكاد تكفي لشراء بعض الحاجيات الرمزية، من دون أن تترك أثراً حقيقياً في حياة الأسرة السورية.
المشهد يتكرر في كلّ مناسبة، إجراءات لا تمسّ جوهر الأزمة، فلا خطّة اقتصادية واضحة حالياً، ولا تدخلاً جدياً يضبط الأسعار أو يحمي الفئات الأكثر هشاشة.
في بلد أصبح فيه متوسط الدخل لا يغطي إلا أياماً معدودة، يبدو الحديث عن مواسم وعيد وأضحية وكسوة نوعاً من الترف العاطفي.
المواطن لم يعد يطلب المستحيل، هو فقط يريد أن يشعر أن تعبه اليومي لا يُهدر، وأن ما تبقى له من الكرامة لم يُرهن بالكامل على قارعة السياسات المؤجلة، المطلوب ليس منحة مؤقتة، ولكن حلولاً طويلة النفس تعيد التوازن بين ما يدخل إلى الجيب وما يُطلب من الجيوب. في أسواق مزدحمة بالبضائع، ينقصها فقط زبائن قادرون على الشراء، أما الأمنيات، فهي مجانية.. لكنّها لا تُطعم خبزاً.