ثورة أون لاين- د.خلف علي المفتاح: كثر الحديث في الآونة الاخيرة عن مفهوم الاصلاح في كل ما جرى في منطقتنا العربية من انتفاضات واحتجاجات وغيرها وتداخلت المفاهيم في تحديد المقصود بذلك الى درجة الخلط بين الاصلاح والتغيير الجذري في بنية السلطة فالا صلاح
من حيث المبدأ ينصب على ما هو قائم والحاجة الى تطويره وتجديده والإضافة اليه بما يتناسب مع التطور الحاصل في بنية المجتمع واحتياجاته وقواه الحية ورغبته في بيئة سياسية واقتصادية وفكرية وخدمية افضل وهو بهذا المعنى يأتي في سياق طبيعي للحراك المجتمعي وتفاعل السلطة إيجابيا مع مندرجاته ما يمنحها القدرة على مراجعة مسارها التنموي ونقده اضافة الى المرونة في مسار التجديد عبر سياق زمني محدد يعيد ترميم وتجديد الأوضاع القائمة عبر استثمار علمي ورشيد للطاقات والإمكانات المتاحة وحسن التعامل مع الراسمال الاجتماعي وهذا يحتاج بالدرجة الاولى لبناء مؤسسي يومن بالإصلاح اولا وعقلية متجددة وقابلة لفكرة التطوير وتمتلك امكانية الانخراط العملي فيه .
ولعل ما يهمنا في قضية الاصلاح المتعلقة بالشأن السوري وهو ما طفى على السطح متناغما مع الحراك الشعبي أخيراالتأكيد على ان الاصلاح في بلدنا أخذ الشكل المنهجي فالسيد الرئيس بشار الأسد قدم نفسه مشروعا سياسيا واقتصاديا وفكريا واجتماعيا حدد خطوطه الرئيسية في خطاب القسم الاول وفصل في مكوناته ومعترضاته وفلسفته لاحقا في الكلمات التي القيت في مؤتمرات الحزب وافتتاح الادوار التشريعية للبرلمان السوري ولإلقاء نظرة على ذلك المسار يمكننا القول ان السيد الرئيس انطلق من رؤيته للإصلاح من انه عملية متكاملة وضرورية يساهم فيها كل من المجتمع عبر افراده والدولة من خلال مؤسساتها وتسير عبر اتجاهين من قاعدة الهرم الى قمته وبالعكس فإذا أهملت وظيفة من في القاعدة انعكس ذلك على من هو في القمة واذا شذ من في القمة أساء من في القاعدة بمعنى انه عملية تفاعلية ذات دينامية داخلية محضة وإضافة الى هذا البعد الحدي لعملية الاصلاح ثمة عنصر اساسي وفاعل أشار اليه السيد الرئيس يتعلق اساسا بالبنى الثقافية والاجتماعية السائدة مبينا ان أي افكار إصلاحية تطرح لا بد من تفاعل ايجابي معها تقوم به مكونات المجتمع سواء كانت رسمية ام أهلية عامة او خاصة فعلى درجة تفاعلهامع تلك الأفكار الجديدة تخفق العملية او تنجح ولعل ما يحدد درجة ومستوى النجاح هو طبيعة ذلك التفاعل هل هو وظيفي ام إبداعي وهذا يتوقف على مستوى تأهيل ومهارة القائمين على تلك المؤسسات وشعورهم بالمسؤولية .
ان المتابع للشأن السوري بشكل موضوعي يدرك حجم الإصلاحات التي تحققت خلال الفترة الاخيرة على كافة الصعد السياسية والاقتصادية وفي اطار تحسين الشروط الوطنية المتعلقة ببنية الدولية ومؤسساتها باتجاه تعميق الممارسة الديمقراطية والاتجاه نحو دولة اكثر مدنية وهنا تجدر الاشارة الى حرص السيد الرئيس بشار الأسد على الاستفادة من تجربتنا المتراكمة وتجارب الشعوب الاخرى خاصة ما تعلق منها بحرية الاعلام والانفتاح الاقتصادي وتشكيل احزاب سياسية لتوسيع المشترك السياسي على المستوى الوطني وذلك بحكم تشابه البنية الاجتماعية والثقافية والمشترك التاريخي بين شعوب المنطقة.
لقد انخرطت الحكومات السورية المتعاقبة في برامج اصلاحية استهدفت تحسين الوضع المعيشي للمواطنين وزيادة الناتج المحلي الاجمالي وتحقيق درجة من التوازن بين التنمية والعدالة الاجتماعية وتمثل ذلك بزيادة الرواتب والأجور وايجاد وظائف جديدة تستوعب الطاقات الشابة الداخلة الى سوق العمل وتثبيت العاملين المؤقتين بالدولة مايوفر لهم الأمن الوظيفي اضافة الى إعطاء امتيازات واسعة للاستثمار الخارجي في السوق السورية الواعدة وكذلك منح امتيازات تفضيلية للمصدرين والمستوردين من دول الجوار الاقليمي ولعل ابرز القرارات التي صدرت تلك التي انصبت باتجاه القطاع الزراعي كونه القطاع الانتاجي الابرز في الخريطتين الاقتصادية والاجتماعية والاساس في الامن الغذائي والاجتماعي ولعل المتغير الاساسي تمثل في اقرار الدستور الجديد للجمهورية العربية السورية ما وسع في فضاء الحياة السياسية والممارسة الديمقراطية وجدد في الحوض السياسي وصولا الى دولة اكثر دمقرطة وتشاركية ولا شك ان ولادة البرلمان الجديد وما عكسه من خريطة سياسية واجتماعية تحمل بعضا من ملامح التطور الحاصل في بنية المكون السياسي عكس الى درجة ما طموحات السوريين بنية سياسية تشاركية و تفاعليةوطموحهم في اختيار مؤسسة ديمقراطية فاعلة ومؤثرة في المشهد العام وقادرة على احداث تغيير في الصورة النمطيةالسلبية التي كرستها البرلمانات السابقة في الوعي الجمعي لعموم السوريين .
ان سورية الحديثة تقترب بشكل واضح من المعايير الديمقراطية الدولية وفق خصوصيتها شأنها شأن اي بلد اخر ولا شك ان ذلك الامر يحتاج الى افق زمني وبيئة حاضنة ومشاركة حقيقية من كافة القوى والحساسيات السياسية والشرط الاساسي لتحقق ذلك يكمن في توفر حالة الاستقرار الداخلي والتعاون الصادق من كافة القوى الوطنية الحريصةعلى تحقيق ذلك الهدف النبيل .
khalaf.almuftah@gmail.com