“وسم كساندرا”.. رواية تفضح أسرار المخابرات السوفييتية

الثورة – عمار النعمة:

في عمل روائي جريء ومثير للجدل، يفتح الكاتب الروسي جنكيز أيتماتوف أبواباً كانت مغلقة بإحكام، ويكشف عن كواليس مظلمة من تاريخ الاتحاد السوفييتي، إذ كانت المختبرات العلمية تُدار كما تُدار الحروب.

رواية ليست مجرد خيال

قد يظن القارئ للوهلة الأولى أن رواية “وسم كساندرا” هي محض خيال علمي، لكن سرعان ما يتبين أنها أكثر من ذلك بكثير، إنها رواية سياسية فلسفية، تستند إلى وقائع وأسرار حقيقية، وتغوص في ملفات كانت تُعتبر أخطر من الأسلحة النووية في زمن الحرب الباردة. الرواية التي صدرت ترجمتها العربية عن الهيئة العامة السورية للكتاب بترجمة الدكتور هاشم حمادي، تكشف عن مشروع سري داخل المختبرات السوفييتية يهدف إلى خلق “إنسان جديد” مُصمم جينياً ليكون مطيعاً للنظام، خالياً من النزعة الفردية أو التمرد.

تبدأ الرواية بأحداث درامية داخل صحيفة عالمية تُدعى “تريبيون”، حيث يُصدر رئيس التحرير قراراً صارماً يمنع أي اتصال هاتفي أو استقبال للزوار، استعداداً لنشر وثيقة تُعد من أغرب ما عرفته البشرية، هذه الوثيقة، التي حصلت الصحيفة على حق نشرها حصرياً، تكشف عن مشروع سري لتعديل الجينات البشرية، وتُثير ضجة عالمية، مما يدفع الصحيفة للمراهنة بكل شيء على نشرها، رغم التحذيرات والضغوط.

كساندرا، العرافة التي لا يُصدقها أحد

العنوان نفسه يحمل دلالة رمزية عميقة، فكساندرا، في الأساطير اليونانية، كانت عرافة منحها الإله أبولو القدرة على التنبؤ بالمستقبل، ثم لعنها بأن لا يصدقها أحد، هذا الرمز يُستخدم ببراعة في الرواية ليعكس التحذيرات التي تُهمش، والحقائق التي تُقمع، والضمائر التي تُسكت في عالم تحكمه السلطة والمخابرات. الرواية ليست فقط عن الجينات، بل هي أيضاً عن القمع، السيطرة، وتزييف الوعي، إنها عمل أدبي يستعرض كيف يمكن للأنظمة الشمولية أن تُعيد تشكيل الإنسان نفسه، ليس فقط عبر الإعلام أو التعليم، بل عبر التلاعب بمكونات الجسد والعقل، إنها دعوة للتأمل في حدود السلطة، وفي أخلاقيات العلم، وفي مصير الإنسان حين يُصبح مجرد مشروع بيولوجي. “وسم كساندرا” ليست مجرد رواية، بل هي صرخة فكرية تتجاوز حدود الأدب لتلامس جوهر الإنسان في زمن التلاعب بالحقائق والجينات، بأسلوبه العميق والمشحون بالرمزية، ينجح جنكيز أيتماتوف في تحويل الخيال إلى مرآة تعكس الواقع، ويطرح أسئلة وجودية حول معنى الحرية، وحدود السلطة، وأخلاقيات العلم.

في زمن تتسارع فيه تقنيات التعديل الوراثي، وتُعاد صياغة الإنسان وفق معايير السوق أو السياسة، تبدو هذه الرواية وكأنها نبوءة كساندرا التي تجاهلها الجميع، لكنها تتحقق أمام أعيننا، إنها دعوة لإعادة التفكير في مصيرنا كبشر، وفي قدرتنا على مقاومة التشكيل القسري، سواء أكان عبر الإعلام أم المختبرات.”وسم كساندرا” تظل علامة فارقة في الأدب السياسي المعاصر، لأنها لا تكتفي بالكشف، بل تُحرض على الفهم، وتُشعل شرارة الأسئلة التي لا تموت.

آخر الأخبار
٥٠ منشأة صناعية جديدة ستدخل طور الإنتاج قريباً في حمص الإعلام على رأس أولويات لقاء الوزير مصطفى والسفير القضاة وزير الإدارة المحلية والبيئة يوجه بإعادة دراسة تعرفة خطوط النقل الداخلي سجن سري في حمص يعكس حجم الإجرام في عهد الأسد المخلوع ميشيل أوباما: الأميركيون ليسوا مستعدين لأن تحكمهم امرأة لجنة السويداء تكسر الصمت: التحقيقات كانت حيادية دون ضغوط الضرب بيد من حديد.. "داعش" القوى المزعزعة للاستقرار السوري من الفيتو إلى الإعمار.. كيف تغيّرت مقاربة الصين تجاه دمشق؟ انفتاح على الشرق.. ماذا تعني أول زيارة رس... تفعيل المخابر والمكتبات المدرسية.. ركيزة لتعليم عصري 2.5 مليار يورو لدعم سوريا.. أوروبا تتحرك في أول مؤتمر داخل دمشق مغترب يستثمر 15 مليون دولار لتأهيل جيل جديد من الفنيين بعد زيارة الشيباني.. ماذا يعني انفتاح بريطانيا الكامل على سوريا؟ فيدان: ننتظر تقدّم محادثات دمشق و"قسد" ونستعد لاجتماع ثلاثي مع واشنطن وفود روسية وتركية وأميركية إلى دمشق لمناقشة ملف الساحل وقانون "قيصر" رغم نقص التمويل.. الأمم المتحدة تؤكد مواصلة جهود الاستجابة الإنسانية بسوريا بين "داعش" و"قسد" وإسرائيل.. الملفات الأمنية ترسم ملامح المرحلة المقبلة المنطقة الصحية الأولى بجبلة.. نحو 70 ألف خدمة في تشرين الأول تفجير المزة.. هل حان وقت حصر السلاح بيد الدولة؟ عودة محطة بانياس.. دفعة قوية للكهرباء واستقرار الشبكة نحو شوارع أكثر نظافة.. خطوات جديدة في حلب