الثورة – أحمد صلال- باريس:
هذا الفيلم المجنون تماماً، والذي يدور حول شابتين سوريتين مهاجرتين، إحداهما شاركت في الألعاب الأولمبية في عامي 2016 و2020، مستوحى من قصة حقيقية.
رائعٌ جداً، ومجنونٌ جداً، وهوليووديٌّ جداً لدرجة يصعب تصديقها، ومع ذلك، لم يكن أيٌّ من ذلك مُخترعاً، يُظهر فيلم “السبّاحون”، ما يُمكن إخفاؤه، وما هو رائع، في قصةٍ عن المهاجرين، من كان ليتواصل مع يسرى وسارة عندما كانتا مختبئتين، عاجزتين عن الاغتسال، تعيشان في بلدانٍ ومآسي متعددة؟.
في عام ٢٠١٥، وفيما كانت الحرب مستعرة في سوريا لأربع سنوات، وكانت قاذفات بوتين قد حصلت بالفعل على إذن بالاقتراب من دمشق لإخماد الثورة المباركة، غادرتا البلاد، ومعهما ١٠ آلاف يورو عثر عليها والدهما بعد اقتراضه، كان عليهما دفع ثمنها إلى بعض المهربين الوهميين، نشأت الشقيقتان مارديني، مثل والدهما، في مسبح، بين السوريين الطامحين في هذه الرياضة، لكنهما اضطرتا للمغادرة لتجنب الموت، بعد سقوط قنبلة في المسبح الأولمبي في دمشق.
لم تُشاهد رحلة مُعذِّبي الأرض بهذه الطريقة من قبل، إنها مُذهلة، لكنها حقيقة.
الصورة جميلة بالطبع، في هذا الإنتاج الإنجليزي- ولكن بالعربية في الجزء السوري – الذي شارك فيه ستيفن دالدري”بيلي إليوت”، “ذا كراون”.
لكن كرم رؤية المهاجرين يُعيد إليهم إنسانيتهم، وتضامنهم، وخصوصيتهم.
لقاءات، وعبور، جميعهم قادمون من أماكن أخرى، من الصومال، ومن السودان، يجتمعون ويتعاضدون من بيروت إلى جزيرة ليسبوس في اليونان، مروراً بإزمير وإسطنبول.
في بحر إيجة، تعطل محرك القارب المطاطي، يسرى، الأصغر والأقوى، وسارة، الكبرى – اللتان تؤدي دورهما شقيقتان، إحداهما منال عيسى، التي ظهرت مؤخراً في عدة أفلام، تغوصان وتدفعان الماء من أجل من لا يجيدون السباحة، لمدة ثلاث ساعات في منتصف الليل، تقول إحدى الشقيقتين “كان من الغباء أن يموت السباحون في البحر”.
رحلة عالمية حقيقية قبل الوصول إلى برلين عبر صربيا أو المجر، متجاوزين الفنادق والمنتجعات، لكنهما تجنبتا بأعجوبة الاغتصاب والأخطاء، هل ستنقلهم الشاحنة، ثم أخرى، ثم ثالثة، أو الحافلة رقم 5 أو 7 إلى المرحلة التالية أو إلى معسكر اعتقال، عائدتان إلى نقطة البداية؟.
على الرغم من تجنب الفيلم للقطات القاسية للغاية وإمكانية مشاهدته من قبل جمهور واسع جداً وموجه للعائلات، إلا أن فيلم “السباحون” يُظهر، على نحو نادر، رحلة المهاجرين التي لا تنتهي، ومقاومتهم وصمودهم، والطريق السهل الذي نسلكه في كثير من الأحيان.
جهلهم بما ينتظرهم، ومن ينتظرهم: صديق، عدو، غير مبالٍ، عنيف، مُرحِّب؟.
في نهاية الرحلة، سيُطلق مدرب سباحة ألماني صافرة نهاية مباراة مُرهقة، وبداية سباق 200 متر فراشة.
تقول الأخت الكبرى للصغيرة، مُحبطةً من أوقات تدريبها قبل الانضمام إلى فريق “اللاجئين” المُشكَّل لأولمبياد ريو عام 2016: “كان من الممكن أن ينتهي بك المطاف في قاع بحر إيجة”.
ليس كل شيء مثالياً في هذا الفيلم، لكن هذه القصة الإنسانية المُجنونة تُثبت كم هو أفضل أن تُمارس حياتك بِجُرأة.