المعقول وليس المنقول

ثورة أون لاين  –  خالد الأشهب:
ثمة من لا يزال يتوهم، وخاصة بين المصنفين مثقفين في المجتمعات العربية والإسلامية، أن العلمنة في المجتمعات الأوروبية التي حيدت الدين وأبطلت مفاعيله الفكرية والمؤسساتية في المجتمع والدولة،

جاءت بقرار فصل سياسي أو بنص دستوري أضيف يوماً ما إلى الدساتير المقترحة، وجرى العمل به بسلاسة ويسر وبساطة في اليوم التالي على الإضافة، وأن مثل هذه الانتقالة المفاجئة يمكن أن تحدث في جميع المجتمعات فتنقلها من حالة التدين إلى حالة العلمنة بمجرد الفصل القانوني والدستوري بين المؤسسة الدينية والدولة !‏

وقد نسي هؤلاء أو جهلوا أن القرار السياسي إياه أو النص الدستوري بالفصل وتحييد الدين عن مسار الدولة، هو نتاج حراك ثقافي اجتماعي دام لعشرات السنين.. وربما لمئاتها، تصارعت فيه الأضداد طويلاً، انتصر بعضها في مواجهة البعض الآخر جزئياً وانتكس بعضها الآخر في مواجهة بعضها الثالث جزئياً أيضاً، وأن هذا الحراك الثقافي الاجتماعي كانت ميادينه وجبهات الصراع فيه تتموضع في العقلين الفردي أولاً والجمعي الحاصل ثانياً، وأن الوصول إلى ذلك القرار السياسي أو النص الدستوري كان نتيجة متسلسلة صعوداً لتطور مكونات العقد الاجتماعي الذي بلوره الناس بالمراس والتجربة فيما بينهم من جهة وفيما بينهم وبين الدولة من الجهة الأخرى ؟‏

لا بل نسي هؤلاء أو جهلوا أن ذلك الحراك الثقافي الاجتماعي بما انطوى عليه من انتصارات وانكسارات وتطورات ونتائج اجتماعية جرى الاتفاق عليها، حمل دائماً وأبداً خصوصية المجتمعات الأوروبية في نسوغه المغذية، وكذلك هوية الأوروبي الكاملة سواء في ثقافته أو انتمائه أو وجدانه العام وضميره الجمعي، وبما يعني ببساطة أن هذه النتائج إنما هي حصراً لهذه المقدمات دون غيرها، وأن مقدمات مختلفة في مجتمعات أخرى لن تتمكن من الوصول إلى نتائج الحراك الأوروبي بالضرورة.. وحتى لو سارت على الخطا التاريخية لمقدمات المجتمعات الأوروبية !‏

وفضلاً عما ارتكبه ناقلوا مصطلح « العلمنة « ومعربوه من خطأ المساواة العمياء بين العلمنة والإلحاد، فإنهم توهموا وأوهموا الآخرين بأن الديمقراطية بوصفها ناتجاً سياسياً للعلمنة، هي مسألة محض إجرائية يمكنها أن تتكفل وحيدة بنقل السلطة سلماً من فرد إلى فريق، وأن تعيد نقلها إلى ما شاء الله لمجرد أن تتوافق النخب السياسية على تحكيم هذه الإجرائية فيما بينها !!‏

الشعارات، كالحرية أو المساواة مثلا.. ورغم بريقها الآخاذ بالنسبة إلى كل العيون دون تمييز، لا تعني شيئاً على الإطلاق عندما تختلف مكونات الحراك الاجتماعي والثقافي الساعي إليها بين مجتمع وآخر وبين ثقافة وأخرى وبين وجدان جمعي وآخر، بل إنها تعني شيئاً ما في هذا المجتمع.. لا تعنيه هو ذاته بالضرورة في مجتمع آخر!‏

وإذا كان ثمة من تلمع هذه الشعارات في عينيه فيطمح إليها، فإن عليه أن يجعل من مكونات حراكه الاجتماعي والثقافي، بالتحليل وإعادة التركيب، مطابقة لأمثالها في المجتمعات الأوروبية وسائرة في ذات الدروب التي سلكتها.. فهل يمكنه هذا، وهل يستطيع أن يفعل ذلك مع ما يعنيه هذا الفعل من خروج نهائي من ثقافته وهويته وانتماءاته ؟‏

الادعاء بإمكانية فعل ذلك، وخاصة في المجتمعات العربية الإسلامية، لا يعني سوى محاولات من التلفيق والترقيع والتلوين.. ولا تبلغ حتى التوفيق القسري غير المجدي، وإلا فما على المدعين بذلك سوى اجتراح مشروعهم الخاص.. المعقول وليس المنقول !!‏

 

عن صحيفة الثورة

آخر الأخبار
الشيباني: نرسم ملامحنا بأنفسنا لا بمرايا الآخرين درعا تحتفل .. سماءٌ تشهد.. وأرضٌ تحتفل هذا هو وجه سوريا الجديد هويتنا البصرية عنوان السيادة والكرامة والاستقلال لمستقبل سورية الجديدة الهوية البصرية الجديدة لسورية من ساحة سعد الله الجابري بحلب وزير الإعلام: الهوية البصرية الجديدة تشبه كل السوريين خلال احتفالية إشهار الهوية البصرية الجديدة..  الرئيس الشرع : تعبر عن سوريا الواحدة الموحدة التي لا ت... رئيس اتحاد العمال: استعادة الدور النقابي المحوري محلياً وعربياً ودولياً تطوير البنية التحتية الرقمية بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي تمثال الشهداء..  من ساحة سعد الله إلى جدل المنصّات.. ماذا جرى؟  الفرق النسائية الجوالة .. دور حيوي في رفع الوعي الصحي داخل المخيمات إجراءات لتحسين خدمات المياه والصرف الصحي في بلدة حلا مفاعيل قرار إيقاف استيراد السيارات المستعملة على سوق البيع باللاذقية  الاستثمار في الشركات الناشئة بشروط جاذبة للمستثمر المحلي والدولي  سوريا.. هوية جديدة تعكس قيمها وغناها التاريخي والحضاري الهوية البصرية للدولة.. وجه الوطن الذي نراه ونحسّه  تطبيق "شام كاش" يحذر مستخدميه من الشائعات تأهيل مدرسة "يحيى الغنطاوي" في حي بابا عمرو أهال من جبلة لـ"الثورة": افتتاح المجمع الحكومي عودة مبشرة لشريان الخدمات فتح باب الاكتتاب على مقاسم جديدة في حسياء الصناعية  تعزيز مهارات الفرق الطبية في حمص