الثورة – همسة زغيب:
أنشئت أبنية مهمة زمن الوالي حسين ناظم باشا، كبناء دار السرايا في ساحة المرجة، المبني فوق أرض مقهى حديقة الحكومة المتواجدة على الضفة الجنوبية لنهر بردى، لكن الحديقة أزيلت وأنشئ مكانها السرايا الحكومية المُسمَّى بناء وزارة الداخلية القديم، مستعيناً بمهندسين وفنيين أوروبيين للمشروع، صمَّمه المهندس الألماني هانيس روكوست مايسنر، المختلف عن المشيدات في المدينة الإسلامية بالعصر العثماني، وأشرف على التنفيذ المهندس الإسباني فرناندو دي أرندا بداية القرن الماضي.
وذكر الباحث عماد الأرمشي لـ”الثورة” أنَّه يعتبر من الطراز المعماري الأوروبي المتطور والمحدث عن الروماني القديم المنتشر في فرنسا، المشـيد من دون “جملونات” بالسقف، المبني على ثلاث مراحل، والمؤلف من ثلاث طبقات، ويقوم على أساسات حجرية صلبة في عمق التربة الرطبة والمتاخمة لمجرى نهر بردى.
فجدران الطابق الأرضي كلها شُيِّدت من الحجر الصخري الصلب المنحوت والمقبَّب، والمكسو من الداخل بالآجر المشوي، والطينة الداخلية المكلسة، إذ يتوسط الكتلة المعمارية مدخل رئيس متوج من الأعلى بالشكل الهرمي، ويحمل بعض اللمسات الإغريقية، كما يوجد جناحان على أطراف البناء يتوسط كل منهما باب جانبي.
أمَّا الواجهة الشرقية للبناء فيتخللها نوافذ متوجة بأشكال مختلفة، لكل طابق طابعه الخاص به في شكل الزخارف وزينتها وتيجانها وأقواسها، فالطابق الأرضي تغلب عليه التأثيرات الإغريقية، فيما طغت على جميع عتبات النوافذ والأبواب التيجيان ذات الانحناء الضعيف الهرمي والأقواس القطاعية، ما أعطاها لمسة فنية جميلة بهدف تجنب وضع مسيلات مائية لتصريف مياه الأمطار على حافتي النوافذ والأبواب على جانبي البناء، فيما تختلف أشكال تيجان عتبات النوافذ في الطابق الثاني لتأخذ شكل طراز البناء العثماني.
ينتقل الباحث “الأرمشي” إلى الواجهة الجنوبية الغربية التي يتخللها نوافذ متوجة بأشكال مختلفة، وهناك بروز لشرفة طويلة واقعة فوق المدخل الرئيسي للمبنى، وقائمة على عشرة أعمدة تجميلية وإنشائية في الواجهة الرئيسة الشمالية، ممتدة حتى طرفي الجناحين ما شكَّل بروزاً في التصميم المعماري على الطبقتين الأولى والثانية وعلى الجناحين المطلين على نهر بردى، كما لفت إلى إنشاء عمود تذكاري أمام المدخل الرئيسي من الرخام الخالص.