تجويد الخط العربي الأصيل.. في رحاب المتحف الوطني بدمشق

الثورة – عبير علي:

“تأمل معي مخطوطاً عمره أكثر من ألف ومئتي عام كتب على رق غزال.. تأمل وأبحر في تفاصيل ما وصل إليه الكاتب من بديع ومفاتن الخط وتجويده في التكوين والإمالة والدلالات”.

بهذه الكلمات افتتح الفنان والخطاط أحمد كمال معرضه الفردي الثالث الذي حمل عنوان: “بستان هشام” في المتحف الوطني بدمشق، برعاية وزارة الثقافة، ومديرية الفنون الجميلة، ضم المعرض أكثر من خمسين لوحة فنية تتميز بتقنية الخط الكوفي المُبكٓر “المصحفي”، يعكس المعرض جمال الخط العربي ويؤكد على مكانته التاريخية والثقافية.

وفي تصريح لـ”الثورة”، أشار كمال إلى أن الأعمال المعروضة تتوزع إلى قسمين رئيسيين، الأول: يركز على محاكاة المخطوطات الشهيرة التي تتواجد في المتاحف العالمية، مثل المصحف الأزرق الموجود حالياً في متحف الميتروبوليتان، والذي يعود للنصف الثاني من القرن التاسع وقد كُتب بالذهب على رق غزال باللون النيلي، من بين الأعمال الأخرى، يوجد عمل يحاكي رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم، بالإضافة إلى مجموعة من المخطوطات المثيرة للاهتمام.

أما القسم الثاني من المعرض، فشمل لوحات حروفية برؤية معاصرة، مستخدماً الحرف المستخدم نفسه في تلك المخطوطات، ما يتيح للزوار فرصة للاستمتاع بأجواء القرون الأولى للحرف العربي، الذي يعد رمزاً للفخر والاعتزاز.

فبالحرف وُجدت العلوم وازدهرت الأمة، لماذا “بستان هشام”؟ يتساءل الزوار، يحمل الاسم دلالات تعكس الجسر الذي يربط بين رصافة هشام، حيث ذكرى الطفولة، وبستان هشام كأيقونة للعشق، هذا المعرض يسلط الضوء على فترة ازدهار الحرف، كان للكاتب “الخطاط” مكانة مرموقة مشابهة لمكانة الوزير في ذلك العصر.

واعتبر كمال أن تجربة الزيارة لمعرض “بستان هشام” هي بمثابة نزهة في أروقة الحرف والجمال، يدخل الزوار عبر بوابة قصر الحير في المتحف الوطني، وتتزايد الحماسة عند استنشاق رائحة الورق والزعفران، حيث يستحيل كل هذا حبراً يُعيد للأذهان ما قاله الشاعر سعيد عقل:

أمويون فإن ضقت بهم،

ألحقوا الدنيا ببستان هشام.

في ختام حديثه، أكد كمال على أهمية دور الخطاطين في الحفاظ على هذا الإرث العظيم، وقال: “كلنا حراس للإرث العظيم وواجبنا كخطاطين هو صون الحرف ونقله إلى الأجيال القادمة.. فالحرف يعادل عمود الرخام وأكثر.

“من جهته رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين في سوريا، محمد صبحي السيد يحيى وفي تصريح عن المعرض قال: “إن الخط العربي يُعد ركيزة أساسية من ركائز الفن التشكيلي الإسلامي والسوري، لقد لمسنا في الخطاط كمال قفزات نوعية ملحوظة، إذ قام بتطوير فن الخط والتركيز على قواعده، ما يجعله من أبرز أعلام الخط العربي والحركة الإبداعية في سوريا.

“ورافق المعرض ندوة عن الخط العربي بدأها أستاذ التصميم الداخلي في كلية العمارة بجامعة دمشق الأستاذ ينال نبيل القائد بالقول: “أحب الخط وأتابعه بسبب عناصر الجمال الموجودة فيه”، مؤكداً على أن رحلته مع الخط العربي بدأت قبل عشرين عاماً بحثاً عن مواطن الجمال وأسراره.

وتحدث عن تاريخ الخط العربي منذ نشأته قبل الإسلام، وتأثره بالخطوط الفينيقية والآرامية والنبطية، حتى ظهور خط الجزم كأساس للتدوين، ومع نزول القرآن الكريم، ازداد الاهتمام بالكتابة وتطوّر الخط الحجازي، ثم تميز الخط الكوفي بقوته وزواياه الهندسيّة، ما جعله معتمداً لنسخ القرآن وزخرفة المصاحف لقرون طويلة.

وأشار أ. القائد إلى أن الخط الكوفي شهد تنويعات عديدة مثل المشق والمحقق، مع وجود أكثر من ثلاثين نوعاً، واستخدم الخطاطون أدوات دقيقة لجمالية العمل، في العصر الأموي، برع الخطاطون في تزيين المساجد والقصور وتدوين سجلات الدولة بكثير من الخطوط مثل الثلثين، ومن أبرزهم خالد بن أبي الهيّاج ومالك بن دينار، رغم أن الخط الكوفي بدأ ينحصر في العمائر الدينية.

ومع العصر العباسي، ازدهرت الفنون في بغداد وبرز خطاطون مثل الضحاك بن عجلان وإسحاق بن حماد، حيث تنوعت الخطوط وتجاوزت العشرين نوعاً، كما أُرسيت قواعد خط النسخ بواسطة الوزير ابن مقلة، وازدهر بفضل الأتابكة والأتراك، ما أدى إلى زيادة عدد الخطوط العربية لأكثر من ثمانين نوعاً، معبراً عن تطور الذائقة الفنية والزخرفية، إذ أصبح الخط العربي فناً بصرياً يجمع بين الجمالية والروحانية، حيث يجسد حضارة غنية بالإبداع والتجديد.

عميد الخطاطين والحاصل على إجازة من المرحوم هاشم البغدادي، الخطاط محمد القاضي قال: حمل الفنان الخطاط أحمد كمال قصب الفرات وأخذنا إلى القرون الهجرية الأولى، أجاد الخط وبرع بتجويده، ثم عاد إلينا برؤى معاصرة أتحفنا بأعمال للتاريخ، وفي النهاية اجتمع في هذا المعرض رمزية الفن وجماليات الخط العربي، لتكون تجربة فريدة من نوعها للزوار في قلب دمشق.

آخر الأخبار
الإعلام شريك في حماية الطفولة في الحوادث وطب الطوارئ.. حين يُحدث التوقيت فرقاً في إنقاذ الأرواح الشيباني عن زيارته للدوحة: بحثنا توطيد العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون زيارة الشرع المرتقبة إلى موسكو.. وإعادة رسم طبيعة الشراكة الجوز واللوز والفستق الحلبي.. كسر حاجز الكماليات وعودة للأسواق مركز الأحوال الشخصية بجرمانا.. خدمات متكاملة خطة لإعادة تأهيله.. تقييم أضرار مبنى السرايا التاريخي تدمير القطاع الصحي.. سلاحٌ إسرائيليُّ آخر لقتل الفلسطينيين تطوير وتعزيز الإنتاج الزراعي المحلي في ريف القنيطرة في الشهر الوردي.. ثمانون عيادة في اللاذقية للفحص والتوعية محادثات غير مباشرة بين حماس وإسرائيل حول خطة ترامب أسعار الكوسا والبطاطا في درعا تتراجع.. والبندورة مستقرة  "السورية لحقوق الإنسان" تستقبل وفداً من "الآلية الدولية المحايدة والمستقلة"  التعليم المهني في حلب.. ركيزة لربط التعليم بالإنتاج منشآت صناعية وحرفية بحلب تفتقر للكهرباء.. فهل من مجيب..؟ سيارة جديدة للنظافة.. هل ستنهي مشهد القمامة في شوارع صحنايا؟! كيف نتعامل مع الفساد عبر فهم أسبابه؟ الشهر الوردي.. خطوة صغيرة تصنع فرقاً كبيراً فوضى البسطات في الحرم الجامعي.. اغتيال لصورة العلم وحرمة المكان  غموض وقلق يحيطان بالمؤقتين .. مامصيرهم بعد قرار عدم تجديد العقود؟