ليل الحرية الظالم.. ورياح الغرب!!

ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم :استفاقت الحرية على سياط الادعاء الكاذب، وقد كبّلتها مفارقات السياسة التي لم تخجل أبداً من نقل بندقيتها من كتف إلى آخر في ظرف لحظة واحدة، وجاء فجرها مغلولاً بحظر تتفاخر عواصم الغرب و«الربيع العربي» بفرضه دون حرج أو حياء ليظل ليلها الطويل دون نهاية، ودون ضوء في نفقها المظلم!!

«حرية التعبير المصونة» والتي اندفع السياسيون الغربيون للدفاع عنها باتت محاصرة، حين توهّمت أن الاحتجاج كحد أدنى متاح أو ممكن، وباتت البندقية التي تآكلت في الدفاع عن الحرية هي ذاتها التي اغتالتها وصوبت رصاصتها القاتلة نحوها لأنها حاولت أن تحتجّ بعكس الريح القادمة من الغرب!!‏

قد يكون من الصعب على المنطق أن يطلق مقاربته، لكنه لن يعجز عن إدراك النفاق الغربي الذي طالما كان الشاهد المتواصل والمستمر على انتهاك المبادئ الأساسية وحقوق الشعوب تحت شعارات الحرية، وتتحوّل الحرية ذاتها إلى ميدان للانتهاك العلني والمجاهرة به حين تكون على تعارض مع مصالحه أو عندما تمسّ ولو من بعيد جزءاً من ممارساته وتصرفاته!!‏

فرنسا تمنعها، وتونس تحظرها، والسعودية تجرِّمها، وكل الغرب وأدواته في المنطقة يجدون في حرية الاحتجاج وحتى « التظاهر » أعمال «رعاع» يجب أن تُجابه، وكل المحرمات التي مارسها الغرب مباشرة أو عبر أدواته تصبح مدعاة للفخر والاعتزاز وتستحق الإشادة الأميركية إلى حدود الإعجاب بالجرأة التي يتمتع بها أجراؤها، الجدد منهم والقدامى.‏

ويستطيع هؤلاء الأجراء بناء على الإشادة الأميركية أن يزغردوا وقد اغتالوا أصحاب الحناجر التي صدحت بنشيد الحرية، وسرقوا شعاراتهم ونهبوا تطلعاتهم وصادروا طموحاتهم، بينما الوجدان الشعبي المنكوب يضرب كفاً بكف.‏

ويستطيعون أيضاً أن يحتفلوا بالرضا الأميركي وشهادة حسن السلوك الممنوحة لهم مع صك اليقين بأنهم باتوا أدوات أميركية أثبتت مقدرتها على خدمة المصالح الأميركية، وأن يكمّوا الأصوات التي قد تتعارض معها، وأن يحظروا المشاهد التي قد تتعرض لها، فباتوا حراساً أمينين لها وبشهادات أميركية مختومة.‏

إنها رياح الغرب التي تاجرت على مدى عقود طويلة بحياة الشعوب، وارتزقت على حسابها، وسوّقت باسمها الأكاذيب، ومارست تحت شعارها فظائع إجرامها، وباسم الحرية أيضاً قتلت وخرّبت وهدّمت، وحين تتحرك في الاتجاه المعاكس تستنفر وتحشد القوى والأدوات والمرتزقة، ويكون أمر العمليات الجديد بعد التهديد والوعيد حتى بلقمة العيش، أكثر سهولة في التنفيذ من قبل تلك الأدوات التي اعتادت الالتزام الحرفي بنصوصه.‏

ندرك مسبقاً أن رياح الغرب حين تحضر تصبح المعادلات مقلوبة، والمعايير معكوسة، وندرك أيضاً أن هذه الرياح حتى في شعاراتها تكون انتقائية، وتتحوّل المبادئ فيها إلى وجهات نظر, والقيم إلى احتمالية، والتطبيقات إلى تخمينية، لكنها اعتادت في أغلب الأحيان على المداورة أو على انتقاء الزوايا التي من خلالها تبتعد عن المباشرة في التغلغل وممارسة السطوة.‏

الفارق اليوم أنها صادمة في نفاقها.. حتى للمنافقين داخلها.. وهي تتعاطى بمعايير مزدوجة وفاضحة وبشكل علني، والأدهى أنها تحاجج فيها دون حياء، وبتنا نسمع عن حرية التعبير التي لا تمسّ، وحرية الاحتجاج أو التظاهر المحرّمة والمحظورة والمجرّمة!! لذلك نستطيع أن نجزم أن ما أمست عليه الحرية يغاير فجرها المأمول، وليلها الطويل المخيم قد يفسر الكثير من الظواهر التي استجدّت في عالم اليوم..‏

ونستطيع الإجابة عن الكثير من الأسئلة المؤجلة التي طرحها فجور «الربيع العربي» وشخوصه السياسيون أفراداً وأحزاباً وقوى.. ونستطيع أن نسطر في يومياتنا المزيد من الأسئلة وربما أن نجاهر بذلك -وهذا حقنا- الغرب ورياحه المسمومة التي عصفت بالمنطقة، وأن نتساءل عن ثمن المصالحة، المعلنة منها والمضمرة، مع الإسلام، وثمن قبول الغرب بوصول بعض نماذجه ليكون أدوات جديدة تضاف إلى أدواته القديمة التي استنفدت أغراضها.‏

ويحق للمسلمين أن يستشعروا المرارة وقد طعنوا مراراً وتكراراً.. مرة حين دفعوا ثمن المصالحة من دماء شعوبهم، وأخرى حين يساء إلى نبيّهم ويحرمون حتى من حقّ الاحتجاج، وثالثة حين تسرق شعاراتهم لتكون مطية للنيل من الأمة ووجودها ومصيرها؟!‏

a.ka667@yahoo.com ‏

 

آخر الأخبار
بقيمة 2.9مليون دولار.. اUNDP توقع اتفاقية مع 4 بنوك للتمويل الأصغر في سوريا حمص.. حملة شفاء مستمرة في تقديم خدماتها الطبية د. خلوف: نعاني نقصاً في الاختصاصات والأجهزة الطبية ا... إزالة مخالفات مياه في جبلة وصيانة محطات الضخ  الألغام تهدد عمال الإعمار والمدنيين في سوريا شهادة مروعة توثق إجرام النظام الأسدي  " حفار القبور " :  وحشية يفوق استيعابها طاقة البشر  تفقد واقع واحتياجات محطات المياه بريف دير الزور الشرقي درعا.. إنارة طرقات بالطاقة الشمسية اللاذقية.. تأهيل شبكات كهرباء وتركيب محولات تفعيل خدمة التنظير في مستشفى طرطوس الوطني طرطوس.. صيانة وإزالة إشغالات مخالفة ومتابعة الخدمات بيان خاص لحفظ الأمن في بصرى الشام سفير فلسطين لدى سوريا: عباس يزور دمشق غدا ويلتقي الشرع تأهيل المستشفى الجامعي في حماة درعا.. مكافحة حشرة "السونة" حمص.. تعزيز دور لجان الأحياء في خدمة أحيائهم "فني صيانة" يوفر 10 ملايين ليرة على مستشفى جاسم الوطني جاهزية صحة القنيطرة لحملة تعزيز اللقاح الروتيني للأطفال فيدان: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا تزعزع الاستقرار الإقليمي الجنائية الدولية" تطالب المجر بتقديم توضيح حول فشلها باعتقال نتنياهو قبول طلبات التقدم إلى مفاضلة خريجي الكليات الطبية