بعد أن عانت البطالة المقنعة.. نقص بالملاك العددي في الشركات الإنتاجية.. تدويـــر العمالـــة ضــرورة لســد النقــص ومـــلء الشـــواغر

ثورة أون لاين:

عدنان سعد – موسى الشماس: أرخت ظروف الحرب الإرهابية المفروضة علينا منذ أكثر من خمس سنوات بظلالها على القطاع الإنتاجي بشقيه العام والخاص.

وإذا كانت الشركات العامة عانت سابقاً من تخمة في العمالة بسبب سياسات التوظيف الاجتماعية، فإن واقع الحال اليوم يفيد بندرة هذه العمالة ومحدوديتها بفعل إجرام العصابات المسلحة حيث خرجت بعض الشركات العامة من عملية الإنتاج ونهبت مقراتها ومعداتها بينما بقي العاملون على ملاكاتها.‏

إضافة إلى النزوح من المناطق المضطربة بفعل عمليات الخطف والقتل والإرهاب المنظم بحق البشر والحجر، إلى أماكن تواجد الأمن والاستقرار بغض النظر عن الإنتاجية وربط الأجر بالإنتاج، إضافة إلى عامل الهجرة.‏

وبالمقابل في المناطق الآمنة هناك شركات صناعية متعثرة، وخارج دائرة الإنتاج منذ سنوات ومازالت تحتفظ بعمالتها وإدارتها لغاية تاريخه.‏

بينما شهد بداية العام الحالي تدوير قسم محدد من عمالة القطاع العام الصناعي باتجاه بعض المؤسسات المماثلة أو ذات الطابع الإداري.‏

لكن في ريف دمشق وبعد خروج بعض مؤسسات القطاع العام النسيجي من دورة الإنتاج بفعل الأعمال الإرهابية التي طالت عمالة هذه المؤسسات كلياً أو جزئياً، كان يفترض تدويرها في المناطق الآمنة في نفس المحافظة حيث هناك شركات مازالت تعمل ولم تتوقف دورة الإنتاج فيها مع أنها تعاني من نقص في العمالة.‏

البطالة تشكل أزمة, تؤثر مباشرة على الاقتصاد, وسواء كانت حقيقية او مقنعة فهي بلا شك حجر عثرة في طريق أي نمو اقتصادي حقيقي..‏

‏وليس خافيا على احد ما تعانيه مؤسسات القطاع العام من انتشار ظاهرة البطالة المقنعة المتمثلة بوجود يد عاملة تزيد عن الحاجة الفعلية ما يؤدي إلى تدني مستوى الإنتاجية للعاملين وضعف الكفاءة في تشغيلهم, الأمر الذي ينعكس سلبا على ربحية المؤسسات المشغلة ويحول دون إمكانية زيادة دخول العاملين فيها.‏

نقص في عمالة شركة وسيم‏

وبالمقابل هناك شركات انتاجية تعاني نقصا في القوى العاملة افرزته الظروف السائدة منذ اكثر من خمس سنوات.‏

ففي شركة وسيم للالبسة الجاهزة مثلا توجهنا للادارة حول الموارد البشرية للشركة والملاك العددي للكادر العامل بالشركة وهل من زيادة او نقص،وجاء الرد من مدير عام الشركة السيد هيثم زاهر مؤكدا أن العدد الفعلي المتواجد ضمن الشركة حاليا هو (451) عاملا بينما المخطط الذي يملأ فيه العاملون كافة الشواغر يصل الى (662) عاملا من كافة الاقسام والدوائر المختلفة أي هناك نقص بالملاك العددي يصل الى /109/ عمال.‏

و أشار زاهر إلى وجود مسابقة يتم العمل عليها حاليا لتغطية النقص وتقدم اليها 200 عامل سيتم فيها اجراء المقابلة بعد ايام قليلة.‏

وكذلك في الشركة العامة للأحذية‏

ما ينطبق على شركة وسيم يقاس على الشركة العامة لصناعة الاحذية حيث اكد مدير عام الشركة العامة لصناعة الاحذية محمد خير ان الملاك الفعلي في الشركة (480) عاملا فقط من عمال مثبتين ومياومين وعقود ثلاثة أشهر..فيما الملاك يؤكد الحاجة الى (650) عاملا.‏

وقال مدير عام الشركة انه يجري الاعداد حاليا للاعلان عن مسابقة لتعيين ستين عاملا من الفئتين الرابعة والخامسة.‏

إعادة تدوير‏

السؤال المطروح هنا: هل يمكن اعادة تدويرالعمالة الفائضة في بعض المؤسسات التي تعاني من زيادة كبيرة في نسبة العمالة غير المنتجة على المؤسسات التي تحتاج فعلا الى عمالة كما حدث خلال الاشهر الماضية من خلال نقل جزء من الكادر الاداري في شركة تاميكو لصناعة الادوية الى المؤسسات ذات الطبيعة الادارية او نقل جانب من الفنيين الى الشركات الانتاجية المماثلة.‏

حيث تعاني بعض القطاعات العامة من تخمة في العمالة وبالمقابل تعاني جهات اخرى من القلة كما في حالة المحاكم مثلا، حيث لا يعقل ان تبقى القضية عالقة في المحكمة لسنوات عديدة بسبب ضغط الدعاوى؟!‏

البطالة المقنعة‏

وتعني ان هناك عمالا يعملون اسما لا فعلا ويقبضون أجورا ورواتب دون أي انتاجية فعلية ويتكدسون في المنشآت والمؤسسات والشركات دون ان تقضي الضرورة الاقتصادية بوجودهم..‏

أي عمالة فائضة لا حاجة لها ولا تنتج شيئا.. ويمكن ان يسير العمل من دونها، واذا سحبت هذه العمالة لن يتأثر حجم الإنتاج وهي موجودة بكثرة في اغلب الإدارات والشركات، حيث كان التعيين سابقا يتم من دون دراسة حاجة هذه المؤسسات الى هذه العمالة وأضحت اليوم مشكلة كبيرة جدا للقطاع العام بكل أشكاله، حيث أصبح مشبعا بالعمالة الزائدة غير المؤهلة التي تعودت ان تقبض الرواتب بلا عمل.. وهي تحتاج الى معالجة لاسيما إعادة التأهيل وإعادة التدوير او التقاعد المبكر.‏

وافرزت ظروف الحرب الارهابية المفروضة علينا تدمير وتخريب عشرات المنشآت العامة والخاصة من دورة الانتاج وبالتالي وجود عمالة بلا انتاج, اضافة الى سرقة الالات والمعدات الفنية والانتاجية وتسرب عمالة القطاع الخاص ووجود كادر لباقي الشركات العامة لا ينتج شيئا فيما المصلحة العامة تقتضي اعادة تدوير هذه العمالة وتوزيعها على الشركات التي تعاني النقص في عمالتها والتي تعد ذات طبيعة انتاجية مشابهة للشركات المتوقفة عن الانتاج.‏

إحصاءات‏

كما أنه يجب مضاعفة حجم العمل المطلوب انجازه اليوم من قبل الموظف حيث ذكر التقرير الاقتصادي العربي الموحد وتقارير الأمم المتحدة ان إنتاجية العامل العربي في اليوم 26 دقيقة فقط لا غير, في المقابل فإن إنتاجية العامل الواحد في الاتحاد الأوروبي مثلا توازي إنتاجية عشرين عاملا عربيا.‏

لذلك يجب وضع آلية تربط الأجر والترقية والترفيع بالعمل والإنتاج والإقلاع عن منح الأجور في بداية ونهاية الشهر سواء أنتج العامل قيمة مضافة أم لا.‏

جذور المشكلة‏

أنس البدين ماجستير في كلية الاقتصاد – جامعة دمشق – وهو متخصص باقتصاد السوق تحدث عن جذور المشكلة وتحليل أسبابها فقال: مشكلة البطالة المقنعة في القطاعين المشترك والعام تتلاقى فيها العوامل الشخصية والأمور الإدارية والتنظيمية للمؤسسات والشركات صعودا الى السياسات العامة فيما يتعلق بأنظمة وقوانين العمل (التسريح او الاستيعاب او المعاشات) مرورا بالنقابات العمالية.‏

وإذا توخينا الدقة في البحث عن جذور المشكلة وليس الحديث عن العموميات نستطيع ان نرصد عددا من النقاط أثرت ولا تزال تؤثر بشكل متزايد في تكريس البطالة المقنعة منها:‏

– الوساطات: فلا اعتقد انه يمر يوم على مدير عام ويطلب منه احد ما توظيف او تعيين شخص سواء من أقاربه او أصدقائه او المسؤولين او بدوافع اجتماعية.‏

– الملاكات: من المفترض ان يكون لدى كل مؤسسة او شركة ملاك معتمد (بعض الشركات ليس فيها ملاك معتمد؟!!) ولكن غالبا ما يتم تجاوز هذه الملاكات العددية والتحايل عليها من خلال التعيين بعقد او بالوكالة او غيرها من الطرق وذلك تلبية للوساطات.‏

وأضاف البدين: ان تدني الأجور يضطر كثيرا من العاملين إلى إيجاد عمل ثان نتيجة عدم كفاية الاجر الذي يتقاضاه للقيام بأعباء أسرته، وغالبا ما يكون العمل الثاني لدى جهة خاصة تستثمر جهده الكامل او القيام بأعمال خاصة مجهدة ولساعة متأخرة من الليل فيأتي الى العمل منهكا في صباح اليوم التالي ولا يقوم بواجبه بالشكل الكامل او ينتهزها فرصة للاستراحة وحتى النوم اثناء ساعات الدوام اذا لم يتسنّ له الهروب من الدوام وتزداد بطالته يوما بعد يوم حتى تصبح هي السائدة.‏

– سياسة الاستيعاب: درجت الحكومات في مراحل متعددة على تبني سياسة الاستيعاب لبعض الخريجين من الجامعات والمعاهد ولا تزال تنحو هذا النحو حتى الآن ولو جزئيا ما فرض على الشركات قبول جميع من يحال إليهم من رئاسة مجلس الوزراء والوزارات المختصة وإلحاقهم بالعمل حتى ولو لم تكن بحاجة إليهم ما أدى إلى تراكم أعداد منهم دون عمل.‏

– نموذج التوظيف: إن نموذج التوظيف السائد في القطاع العام هو أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض إنتاجية قوى العمل. ولا تُؤخَذ الآثار السلبية لهذا النموذج دائماً بعين الاعتبار في سياسات التوظيف التي يمكن أن ينتج عنها.‏

– الأجور المنخفضة والقيود المفروضة على الأجور في القطاع العام تمنع التعويض الملائم للموظفين المؤهلين ولها أثر سلبي على الأداء والمعنويات.‏

حلول مقترحة‏

وتقدم البدين بمجموعة من الاقتراحات لحل هذه الأزمة أبرزها:‏

– إصلاح سياسات الموارد البشرية: حيث تعتبر عملية إلغاء الالتزام بتعيين خريجي بعض معاهد التعليم العالي، خطوة في الاتجاه الصحيح، ويجب ان تترافق مع سياسات واضحة لزيادة الرواتب من أجل تشجيع العاملين على المزيد من الإنتاجية, ويجب أن يكون المبدأ المرشد هنا هو «عاملون في القطاع العام أقل عدداً، يستفاد منهم بشكل أفضل، يأخذون رواتب أعلى ولديهم حوافز أكثر للعمل »، الأمر الذي يؤدي إلى الاستفادة من القوى العاملة في القطاع العام, ويمهد الطريق لتحديث الإدارة العامة, ويحدد القدرات لتوجيهها باتجاه القطاع الخاص, يقلص نفقات الإدارة العامة.‏

– تشجيع التوظيف في القطاع الخاص: ركزت السياسات العامة في السنوات الأخيرة على خلق بيئة عمل صحية، وسمحت للمصارف الخاصة بالعمل، أصبحت أسعار الصرف الرسمية قريبة من أسعار الصرف الدولية، ووجدت مراكز النافذة الواحدة في الكثير من المدن والأرياف، ويتم إصلاح قوانين العمل، ولا زال هناك الكثير مما يمكن القيام به كأن توضع ضوابط قانونية للقطاع الخاص كي يلعب الدور المناط به بشكل جيد.‏

– إصلاح قوانين العمل والتأمينات, و تطوير شبكات أمان ملائمة.‏

– التركيز على مناطق تفشي البطالة المقنعة من خلال حزمة من برامج نوعية متكاملة لعمليات تدريب وتمويل مدروسة للرفع من السوية الاقتصادية والتعليمية لهذه المناطق لتستطيع الدخول في البرنامج الوطني الشامل‏

الرعاية الأبوية‏

أمام هذا الواقع الصعب, من وجود أعداد كبيرة من العاملين في الدولة, ولا حاجة للكثيرين منهم, لا نجد أمامنا لتفسير الواقع الحالي, إلا سببا واحدا, وهو الرعاية الأبوية للدولة, التي لا تنظر بمنظار الاقتصاد البحت, بل بمنظار أبوي رعائي لمئات الآلاف من الموظفين وعائلاتهم, ولو أن هؤلاء كانوا ضمن نظام رأسمالي صارم لكانوا في بيوتهم منذ أمد بعيد, ولكننا في نظام اجتماعي لا ينظر بعين واحدة للإنتاجية المفترضة من العامل، بل هناك عين تنظر له كانسان مكافح يستحق الدعم والتقدير.‏

 

المصدر: صحيفة الثورة 

آخر الأخبار
الرئيس الشرع يلتقي بوزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل درعا: مطالبات شعبية بمحاسبة المسيئين للنبي والمحافظة على السلم الأهلي "مياه دمشق وريفها".. بحث التعاون مع منظمة الرؤيا العالمية حمص.. الوقوف على احتياجات مشاريع المياه  دمشق.. تكريم ورحلة ترفيهية لكوادر مؤسسة المياه تعزيز أداء وكفاءة الشركات التابعة لوزارة الإسكان درعا.. إنارة طريق الكراج الشرفي حتى دوار الدلّة "اللاذقية" 1450 سلة غذائية في أسبوع أهال من درعا ينددون بالعدوان الإسرائيلي على دمشق ‏الحوكمة والاستقلالية المؤسسية في لقاء ثنائي لـ "الجهاز المركزي" و"البنك الدولي" المستشار التنفيذي الخيمي يدعو لإنشاء أحزمة سلام اقتصادية على المعابر وزير المالية: محادثاتنا في واشنطن أسفرت عن نتائج مهمة وزارة الرياضة والشباب تطوي قرارات إنهاء العقود والإجازات المأجورة لعامليها طموحاتٌ إيران الإمبريالية التي أُفشلت في سوريا تكشفها وثائق السفارة السرية خبير اقتصادي لـ"الثورة": إعادة الحقوق لأصحابها يعالج أوضاع الشركات الصناعية عمال حلب يأملون إعادة إعمار المعامل المتضررة مركز التلاسيميا بدمشق ضغط في المرضى وقلة في الدم الظاهر: نستقبل أكثر من ٦٠ حالة والمركز لا يتسع لأك... استمرار حملة إزالة البسطات العشوائية في شوارع حلب الأونروا: لم تدخل أي إمدادات إلى قطاع غزة منذ أكثر من 7 أسابيع صحة حلب تتابع سير حملة لقاح الأطفال في منبج