ثورة أون لاين- أسعد عبود:
في مثل هذه الحقبة من القرن الماضي كشف الغرب عن مؤامرتين تاريخيتين دفعت الأمة العربية وستدفع لهما أفدح الأثمان، هما وعد بلفور قبل مئة عام، واتفاقية سايكس بيكو التي كشفت عنها الثورة البلشفية في روسيا..
دمغت هاتان الواقعتان وما نجم عنهما في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية العربية على مدى المئة عام الماضية. وغطى السعي لمقاومة هذه الآثار فضائح ونضالات حقيقية وذهب بأرواح آلاف الشهداء وعشرات العملاء. وانتهى العرب إلى الهزيمة الأكيدة وشبه الكلية على صعيد مقاومة الواقعتين.
لا هم نجحوا في إعادة أي شكل من أشكال الوحدة أو التضامن السليم رداً على سايكس بيكو.. ودفعوا فلسطين وأراضٍ عربية أخرى في هزيمتهم أمام وعد بلفور الذي تجسده دولة اسرائيل التي لها ثلاث صفات تميز كل وجودها عند كل إنسان في العالم يتابع أي شأن من شؤون المنطقة:
العنصرية المعلنة ..
كراهية العرب بلا حدود ..
التآمر الدائم لتخريب كل مجال من مجالات الوجود والاستمرار لهؤلاء العرب.
اليوم وبمرور مئة عام على ذلك.. نواجه ما هو أخطر وبكثير..؟!
لقد دفعت بنا بدايات مئة العام هذه التي نتحدث عنها.. إلى ثورات وعمل فدائي ورسم آفاق لثقافة عربية حديثة توخت مواجهة ذاك العدوان المستمر… وإلى أكثر من محاولة لإقامة بناء عربي ما يساعد في التغلب على الواقع الذي أفرزتنه تلك الحالة… صحيح أنها لم تثمر وهزمت بكاملها وتتابعت في حياتنا الهزائم.. لكن.. ظلت بقايا حية في ضمير الكثيرين وربما الأكثرية.. وظلت هذه الأكثرية حريصة على الحفاظ على تلك الثقافة.. رغم الهزيمة التي جعلتها تبدو غالباً ثقافة مهزومة.
هي باختصار ثقافة القضية العربية.. وتتوزع على محورين:
قضية فلسطين وتحرير الأراضي العربية..
قضية الوحدة والتنمية والتضامن العربي..
إلى هنا وصل بنا وعد بلفور والغرب الاستعماري عبر سايكس بيكو.. ووصلنا نحن في مقاومته المزعومة.. فبماذا يعدنا المستقبل..؟!
بل بماذا يعدنا العرب؟؟
وعد العرب غير مخبأ.. يعلن في المغرب العربي وشمال افريقيا ووادي النيل والخليج والجزيرة العربية وبلاد الشام… وعد يقول:
انسوا ثقافتكم المزعومة.. ثقافة فلسطين ورفض اسرائيل والوحدة الأمل والتنمية… واستعدوا لثقافة التحالف العربي الصهيوني وتجزئة أكبر لبلادكم وتفتيت أشد. بل استعدوا لنسيان الكرامة… الوطنية والفردية..
هل تابعتم سعد الحريري يعلن استقالته من الرياض.. صدقوني إنهم أعلنوا معها رايات بلا حدود للثقافة القادمة.. ثقافة وعد العرب.. الذي قد يحتاج مئة عام نحصد بعدها النتائج المذلة الكارثية نفسها.. إن لم يتغير شيء في هذا الواقع المؤلم إلى حد الموت…
as. abboud@gmail.com