مشروع إسرائيل وأميركا لإقامة ما يسمى المناطق العازلة حول سورية سقط، ولم يطل الوقت حتى استفاق العدو الصهيوني من أوهامه، وتبعه شريكه في دعم الإرهاب نظام أردوغان الذي فاض من خلاله الإخونجي العثماني بجرائمه ضد الشعب السوري، وتفنن باستعراض عضلاته الخلبية ضد الدولة السورية، لكن سرعان ما ضاع الواهم التركي بين إخفاقات التاريخ وحكاياته، وانجازات الجيش العربي السوري في الميدان، حتى صار مشروعه هذا خيالياً يتلاقى إلى حد كبير مع أضغاث أحلام الصهيوني الذي يتوهم خراب سورية وتلاشي مصر والعراق، كما يتقاطع مع رغبة وهابيي بني سعود بتفتيت الدول حولهم وجعلها مزارع وكانتونات تابعة مغلوبة على أمرها.
المشروع الأميركي الصهيوني يتلاشى اليوم ويندحر تحت أقدام جيشنا الباسل، والأوراق العثمانية والوهابية تحترق وتتحول إلى رماد، وبات الجيش العربي السوري يزيد مساحات الأمان جنوبا وشمالا وشرقا، رغم صعوبة التضاريس وحرارة الميدان ومعاركه، في وقت دارت فيه عجلات التفاوض مسرعة مع أطراف وجهات أخرى اقتنعت أخيراً بأن الأميركيين لا يؤمن لهم جانب، وأنه تم الاستثمار بهم إلى حد لا يطاق، والسقف الوحيد الذي يحمي السوريين جميعاً هو سقف الوطن وجدرانه وسياجه الصلد، وبالتالي لابد من التسوية السياسية السلمية التي تجنب البلاد والعباد المزيد من الخراب والدمار إرضاء لرغبة الغرب ومريديه والسائرين في مشروعه بشكل أعمى.
تحرير الجنوب من الإرهاب، والذي كان من أخطر معاقل الإرهابيين في البلاد، هو بالتأكيد خطوة مهمة وباب لتحرير جميع الأنحاء من ريف دمشق الغربي والقنيطرة إلى دير الزور والحسكة، ومن السويداء حتى حلب وإدلب، حتى لو استمرت أميركا بالنفخ على جمر إرهابييها لإشعال نار المعارك من جديد، كما فعلت في السويداء والبادية الشرقية، وحتى لو اتخذ أردوغان خطوات تصعيدية جديدة لحماية «نصرته» على الحدود عبر سيناريو أقذر من سابقيه.
والتركي لا يعيش وحده حالة الضياع وفقدان التوازن هذه، فكذلك الإرهابيون الذين انقسموا بين نادم وراغب في العودة من المناطق التي هاجروا إليها في إدلب، وبين مغلوب على أمره، وباتت مشاعرهم تختلط بين تطمينات من رعاتهم، وخوف يسد شرايينهم ويجمد قلوبهم، وباتوا أمام خيارين أحلاهما مرُّ، فإما الخروج عن طريق مشغليهم الأتراك إلى المجهول، وإما الخضوع لإرادة المعارك التي يتم تسخينها على جمر ملتهب.
حسين صقر
التاريخ: الجمعة 3-8-2018
رقم العدد: 16753