أضعفُ الإيمان عربياً، الاشتغالُ على تعميق أزمات الكيان الصهيوني، وأقلُ الواجب هو القيام بكل ما من شأنه تكبيل هذا الكيان ومُحاصرته سياسياً، وأدنى حدود الالتزام بفلسطين هو رفضُ التطبيع، فبأي ميزان يضع أعراب الخليج أنفسهم وهم لا يُعمقون سوى أزماتهم بتسجيلهم المزيد من اللقاءات العلنية مع الصهاينة؟.
تعميقُ أزمات الكيان الخليجي، أم تعميق أزمات الكيان الصهيوني، أيُهما أقرب إلى الممارسة وتحقيقاً للهدف الذي تسعى له عباءات التخلف والخيانة الخليجية من خلال ما تقوم به وتُعلن عنه سواء لجهة الجَهر بعقد اجتماعات علنية مع الإسرائيليين أم لناحية إعلان التحالف معهم؟.
حضورُ سفراء دويلات الخليج وبعض العرب احتفال المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي بواشنطن لا يؤكد فقط تسجيل التجاوز الأخطر، ولا يُعد فقط تكسيراً لكل الخطوط الحمراء، ولا يُثبت فقط انخراط أنظمة عربية وأعرابية بصفقة القرن، بل يَعكس مباشرة مستوى الخيانة العلنية الذي بلغته هذه الأنظمة!.
معهدٌ يهودي في واشنطن كل اختصاصه البحث بشؤون الأمن القومي! الأمنُ القومي لمَن؟ للعرب أم للصهاينة؟ إذا كان من المُسلمات أنه مَعنيٌ بالصهاينة فما معنى الحضور العربي الأعرابي سوى إعلان الدعم – لا المُوافقة فقط – لصفقة القرن، ولنقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، ولوقف تمويل «الأونروا»، ولإغلاق مكتب منظمة التحرير بواشنطن، فضلاً عن تأييد اللاءات الإسرائيلية الثلاث: لا قدس، لا عودة، لا دولة فلسطينية؟!.
لا أحدَ في العالم، على الإطلاق، بحاجة إلى مزيد من الأدلة التي من شأنها أن تَرمي النظام الخليجي الخائن المُتعفن في مَزابل التاريخ، لتبرز المُفارقة الأشد غرابة من أنه إذا كان النظام الخليجي يعتقد ما يُخالف حقيقة أنه يُعمق بخيانته وإعلان تَحالفه مع إسرائيل أزماته لا أزمات الآخرين، فسيكون النظام الذي يحجز لنفسه أحطّ مكان في سجلات التاريخ.
قولُ بنيامين نتنياهو: «إن الاتفاق النووي الإيراني جعل إسرائيل تتقرب من العالم العربي بشكل لم نر مثله من قبل قط « ربما يُفسر الحال الخليجي الراهن من جانب، ويُثبت من جانب آخر حالته السابقة التي كانت تُغلَّف بالسرية اللقاءات والتفاهمات والعلاقات الثنائية القائمة ربما منذ عشرات السنين أو منذ اغتصاب فلسطين مروراً بجميع محطات الصراع الذي لم يكن ليَمتد لولا التواطؤ والخيانة الخليجية.
الخطة الأميركية الصهيونية الخليجية بصفقة القرن وبسواها من خطط استهداف سورية والمقاومة ومحورها، تسويةٌ تُصَّفي القضية الفلسطينية، تُعيد الفلسطينيين إلى الخلف ألف خطوة، وتَنتزع في السياسة ورقة المقاومة من أيدي المقاومين فتُسقط شرعيتها بذريعة التسوية، ولتكون سورية، حزب الله، إيران الهدف التالي، هل هناك من رؤية أخرى تشرح أو تفضح ما يجري؟ ما من رؤية أخرى سوى تلك التي تفرض ذاتها بقوة، إذ بمُقابل الخضوع والخيانة والتواطؤ، هناك خيار التمسك بالمقاومة الذي يَحفظ ويُنجز ويُحرر، ويُراكم القوة التي لن تبقى بلا أثر في السياسة، إفشالاً لمخططات العدوان وتحقيقاً للتحرير، وبالحالتين طي صفحة الخونة والمُعتدين، وفتح صفحات جديدة للحق والكرامة.
علي نصر الله
التاريخ: الأثنين 15-10-2018
رقم العدد : 16811