ليس جديدا في عالم الفن التشكيلي السوري إبداعاته وتفوقه وامتداده لينتزع له مكانة مرموقة بين فنون الشعوب جميعها،
ففي جردة حساب بسيطة تطالعنا الأوابد والآثار والمقتنيات بحكايات خالدة عن هذا الشعب العظيم الذي أهدى البشرية فنونا ثقافية وحضارية كانت شاهدا حيا على أن الحضارة كانت تتألق على هذه الأرض السورية وفي زمن ربما كان العالم مايزال يعيش في غياهب ظلمات الجهل والتخلف.
واليوم إذ تتحضر وزارة الثقافة للاحتفاء «بأيام الفن التشكيلي السوري» نثمن ماتقوم به من تسليط الضوء على واحد من أرقى الفنون الإنسانية، وندرك معنى أن نعيد لهذا الفن مكانته ونستحضر رواده بالتكريم والعرفان لما خلدت ألوانهم من إبداعات ماتزال تحظى بالدهشة والإعجاب ولم تستطع السنون الغارقة في القدم أن تمحو عبقها بل زادتها غنى تأسر كل من يرنو إليها وتمنحه السكينة وفخامة الإجلال، وندرك مع بيكاسو «أن الفن يستطيع بحق أن يمسح عن الروح غبار الحياة اليومية».
بين الواقعية والتعبيرية والتجريد تتنوع مدارسهم وفنونهم ولكن يبقى الوطن عنوانهم وقاسمهم المشترك، يحملون قضاياه ويتنسمون هواءه ويصلون في محرابه، وفي حضرته يبدعون.
ولايختلف اثنان حول دور الفن في حياة الشعوب، مايؤكد أهمية تكريسه في عالمنا هذا الطافح بالكثير من البشاعة وانهيار الكثير من القيم وضياع البوصلة، فحري بنا أن نعيد لهذه الفنون مكانتها وخصوصا في مؤسساتنا التعليمية، واستثمار الطاقات الفنية وتنمية المهارات التشكيلية لدى الأطفال لتكوين وعيهم بقضايا بلدهم وتكريس قيم الخير والحب والجمال في عالم بات أشبه بغابة لاشريعة له.
والفنون جميعها تحمل إرث الحضارات وتاريخها وأيامها، وهي في أهميتها تستطيع أن تكون ديوان أمة، ونفخر جميعا أننا نملك إرثا لايضاهى فأين نحن من متاحف تضم وتحفظ هذا الإرث الذي يتنامى كل يوم وتتناهبه عوامل الإهمال وربما يتعرض للتلف أو سوء التخزين، ألا يستحق الفنان السوري متحفا يضم أعماله ويحفظها وتكون قبلة للسائح والمهتم وللطلاب ينهلون من تجارب رواد الفن وعمالقته؟!.
سعاد زاهر
التاريخ: الثلاثاء 11-12-2018
الرقم: 16857