لم يكتف رعاة الإرهاب بارتكاب أبشع الجرائم بحق السوريين عبر تنظيماتهم الوهابية التكفيرية، ومن خلال اعتداءاتهم المباشرة أيضا على الأحياء السكنية وعلى مواقع الجيش العربي السوري، كما تفعل أميركا وحلفها الإجرامي، ولكنها تضيف كل يوم فصلا جديدا من فصول إرهابها، كالعدوان الممنهج ضد حضارة سورية ، وإرثها الثقافي الذي يعتبر رمزا وشاهدا على حضارة وتاريخ وذاكرة الشعب السوري والبشرية جمعاء.
وفي إطار مخطط الغرب الاستعماري لتخريب الإرث الحضاري والتاريخي لسورية، عمدت التنظيمات الإرهابية وداعموها منذ بداية الحرب الإرهابية إلى سرقة الآثار والتراث الثقافي السوري والمتاجرة به، حيث تصاعدت جرائم التنقيب عن الآثار في مناطق منبج وعفرين وإدلب والمواقع المحيطة بالرقة من قبل الإرهابيين وداعميهم بشكل مباشر، وعلى رأسهم القوات الأميركية والفرنسية والتركية وعملاؤها في مناطق واقعة تحت احتلالها.
نظام أردوغان الذي سرق ونهب المصانع في حلب، ولم يستثن حتى خطوط السكك الحديدية، يتمترس اليوم خلف إرهابييه في ادلب، ويمتطي سرج الإرهاب في الشمال لإطالة أمد احتلاله، لكي يستكمل عمليات لصوصيته، التي أثارت على ما يبدو شهية المحتل الأميركي الذي يستميت في حماية إرهابيي داعش والنصرة، لتكريس احتلاله واستثماره في سرقة كنوز وآثار سورية التي تعود إلى آلاف السنين، بهدف استنزاف التراث الثقافي السوري وضرب الهوية السورية الحضارية، بالإضافة إلى أن عمليات النهب والسرقة للآثار تعتبر من أكبر مصادر تمويل الإرهابيين، الأمر الذي يرفع عن أميركا وأتباعها جزءا من فواتير الدعم والتمويل التي يقدمونها للتنظيمات الإرهابية.
المعلومات الميدانية تؤكد التعاون والتنسيق بين إرهابيي داعش والنصرة، وبإشراف مباشر من مشغليهم لدى أميركا والنظام التركي لسرقة الآثار وبيعها، حتى أن داعش استقدم خبراء أجانب من الدول المشغلة له لمساعدته في أعمال التنقيب، وقد أنشأ التنظيم الإرهابي بحسب العديد من التقارير الإعلامية شبكة قرب الحدود التركية لعرض وبيع ما يسرقه من قطع أثرية وكنوز من ريف إدلب، ما يثبت مجددا أن الحرب الإرهابية التي تشنها منظومة العدوان منذ حوالي ثمان سنوات، هدفها ليس إضعاف الدولة السورية وتحييدها عن دورها المقاوم وحسب، وإنما لمحاولة شطب تاريخها الحضاري العريق، وإزاحته من مشهد الاهتمام العالمي.
الدولة السورية التي تتصدى للإرهاب بكافة أشكاله، لن تتوانى عن المضي في معركتها لاجتثاث ذاك الإرهاب وداعميه، وهي اليوم تقف على أبواب إنجاز نصرها الكامل في تحرير كامل ترابها الوطني، ومهما تمادى مشغلو الإرهاب بجرائمهم، فلن ينالوا من تراثها الثقافي، وهويتها الحضارية، لأن جذورها ضاربة في عمق التاريخ.
ناصر منذر
التاريخ: الأربعاء 12-12-2018
رقم العدد : 16858
السابق
التالي