ثمة مقولة تنطبق تماماً على تداعيات وآثار الإشكالية القائمة بين المصارف الزراعية والفلاحين وهي ( إن من يخلق المشكلة لا يستطيع حلها )، ولعل المؤشرات التي تدلل على ذلك كثيرة وفي مقدمتها إن الديون المتراكمة على المنتجين وفوائدها وغرامات التأخير المترتبة عليها أصبحت عامل إعاقة للنشاط الزراعي، فكيف يمكن للفلاح اليوم أن يمارس النشاط الزراعي ويقوم بعمليات الفلاحة والبذار ويقدم السماد وينجز كل الأعمال والخدمات المطلوبة للعملية الإنتاجية وهو لا يستطيع أن يحصل على أي شيء من المصارف الزراعية، لا بل أكثر من ذلك تفاقمت الأمور إلى مرحلة إحالة الآلاف من الفلاحين إلى القضاء بسبب المديونية.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه كل فلاح ومزارع في محافظة الحسكة الحل المناسب في الوقت المناسب لمشكلة تراكم الديون المترتبة عليهم وفوائدها وغراماتها تتسع دائرة المعاناة والتحديات التي تشغلهم عن ممارسة النشاط الزراعي والعمل على استثمار كل الظروف المتاحة للوصول بموسم الحبوب القادم إلى إنتاجية عالية، ولاسيما بعد الهطولات المطرية التي تبشر بموسم وفير، ومن هذه التحديات التي تنغص حالة التفاؤل التعثر بالتمويل اللازم للعملية الزراعية بسبب مديونية الفلاح التي أصبحت عائقاً في عملية التمويل، ولا سيما بعد قيام مديري المصارف الزراعية بالمحافظة بتدقيق 663 اضبارة تضم حوالي 150 ألف فلاح تم إحالتهم إلى القضاء وحجز أموالهم وأموال أولادهم وزوجاتهم وشركائهم، ومن المشكلات الموجودة أيضاً سوء بذار القطن الذي يشتريه الفلاح من السوق السوداء، الأمر الذي يتطلب تأمينه عن طريق مؤسسات الدولة وكذلك السماد الذي يتم استجراره من السوق السوداء أيضاً.
لقد كنا نعاني من الجفاف ولم تكن الحلول ممكنة ولاسيما أن معظم أراضينا الزراعية تعتمد في إنتاجيتها على الأمطار، أما اليوم فالفيضانات تهدد حتى البيوت والخابور يعود للحياة من جديد فهل يجوز أن نجعل من ديون الفلاحين سبباً في خسارة موسم وفير من الحبوب في وقت نحن أحوج ما نكون إلى أن تكون السلة الزراعية مطمئنة وآمنة.
يونس خلف
التاريخ: الثلاثاء 18-12-2018
رقم العدد : 16863
السابق
التالي