تبحث الحكومة عن مصادر لرفد الخزينة العامة بإيرادات دون أن تؤثر تلك الإيرادات على مستوى معيشة المواطن أو على دفع عجلة التنمية، ولكن المتابع يلاحظ أن أغلب الإجراءات التي اتُخذت كانت عبارة عن رفع للرسوم والضرائب وهذا بالتأكيد كان له آثار سلبية على معيشة المواطن فيما شريحة التجار والصناعيين لم يتأثروا لأنهم وببساطه يقومون بتحميل هذه الرسوم والضرائب على السلع والخدمات التي تُقدم للمواطن، في مثل هذا الواقع لا بد من البحث عن مصادر ترفد الخزينة باحتياجات الدولة من المال لتنفيذ خطط الدولة الاقتصادية والاجتماعية من مصادر لا ترهق المواطن ولا تؤثر على مستوى معيشته بشكل حقيقي وفعلي.
سورية كدولة كانت فيما مضى ذات توجه اشتراكي عملت على بناء منشآت وتراكمت لديها الكثير من الممتلكات وبالتالي يُمكن أن تكون أملاك الدولة الخاصة من عقارات ومعامل ومؤسسات ولا سيما أن الكثير من هذه الأملاك مجمد وغير مستثمر والكثير منها قد طاله التخريب والتدمير بفعل الإرهاب وبالتالي يمكن أن تكون من أهم مصادر رفد الخزينة عن طريق طرح هذه الأملاك للاستثمار من خلال عقود التشاركية التي لم يفهم أحد حتى اليوم السبب في عدم إبرام أي عقد وفقاً للتشاركية.
المصدر الأهم بالنسبة للخزينة في كل الدول يأتي من الرسوم الجمركية ولكن هذا المصدر في بلدنا هو القطاع الأكبر للفساد والرسوم المُحققة لا تعادل خمس ما يحققه لبنان رغم الفساد والمُحاصصات فيما الباقي يذهب لصفقات الفساد وهذا الأمر فيما لو تم ضبطه فإنه يكفي لتحسين وضع شريحة كبيرة في المجتمع السوري.
أيضاً من مصادر الدخل التي يُمكن الاعتماد عليه لتمويل الخزينة الضرائب والرسوم التي تطول فقط الأجانب أو العابرين للحدود ومن السوري المقيم خارج البلاد بفرض الرسوم على الوثائق المختلفة سواء كانت تجارية أم تتعلق بالأحوال الشخصية أم الوكالات أم غير ذلك.
الثروات الطبيعية من نفط وغاز ومقالع ورمال وفوسفات وغيرها من الثروات المعدنية يُمكن أن تكون المصدر الأساسي لموارد الخزينة وهذا يتطلب العمل المُركز وتخصيص الاعتمادات الكافية لصيانة الآبار وتأهيلها وكذا الأمر لبقية مصادر الثروات الطبيعية وهنا يجب التمييز في تخصيص الاعتمادات، فعندما يتم تخصيص مليار لقطاع النفط فإنه سيعود للخزينة بعشرة مليارات، بينما في قطاعات أخرى تُصرف دون عائد للخزينة، وهذا لا يعني إلغاء اعتمادات بل إعطاء مفاضلة للقطاعات المولدة للدخل.
في النهاية لا يكون الحرص على تأمين الموارد بقدر الحرص على إنفاقها في سبلها الصحيحة لكي يعاود المال دورانه في شرايين الاقتصاد تنميةً وازدهاراً.
معد عيسى
التاريخ: الثلاثاء 18-12-2018
رقم العدد : 16863
السابق
التالي