نَطوي اليوم صفحة عام مضى، ونَفتح غداً أُولى صفحات العام الجديد بالإصرار على العمل والتمسك بالأمل، وإذ أَنتجَ تحالفهما المَشدود إلى العزيمة والثبات على المبدأ ما أثارَ ذهول مُعسكر أعدائنا في سورية،
فإن ما أَظهرته سورية، شعبها وقيادتها، خلال سنوات الحرب والعدوان هو ليس كل ما تَمتلكه، بل بعض ما تَكتنزه.
ليست شعارات، ولا خطاباً وطنياً مُفعماً بروح الحماسة والاندفاع، بل وقائع وأدلة، أرقام ومُؤشرات في السياسة والاقتصاد، لم تأت من فراغ، وما هي إلّا حصيلة فعل واع وإرادة صلبة، اجتماعهما ظَهَّرَ عوامل القوّة وجعلها ذات أثر عظيم، مُرتسماته الحقيقية تجاوزت حدود الوطن، لا يُنكرها إلا حاقد أو جاهل.
على سماع الأخبار التي تَملأ القلب فرحاً، والنفس اعتزازاً – من منبج، من شرق الفرات وصولاً للتنف – نَطوي آخر صفحات 2018، لنَفتح صفحة العام الجديد على مَشهد تتسارع فيه خطوات العدو باتجاه حزم حقائب الخيبة والرحيل بعد سجالات سياسية ساخنة لمّا تنتهِ بعد، وقد هزّت أركان تحالف العدوان من بعد تَصدع مركز القيادة والتحكم في البنتاغون والكونغرس والبيت الأبيض.
إذا كان البعض يشعر بثقل الاعتراف بانتصار سورية، فعليه أن يَجد طريقة أخرى لاستيعاب أنّ ما حل بمُعسكر أعدائها ليس سوى الهزيمة، ذلك أنّ رُكام المشروع الشيطاني الذي تَحطم أعظم شاهد لا يُمكن لأحد أن يَدعي القدرة على إخفائه، وليَسأل كل المُنكرين: أين كانوا وأين أمسوا؟ إذا كانوا لا يريدون تَظهير النتائج الأخرى التي تُدلل على انتصار سورية، والتي تؤكد مُضيها نحو التعافي واستعادة الدور والموقع الذي أُريد أن يُسلب منها لإضعافها؟!.
أَوجُه الانتصار مُتعددة، نعرفها جيداً، كما يَعرف محور تحالف العدوان أوجُه الهزيمة التي لا يرغب بالاعتراف بها، ليس على الجبهة السورية فقط وإنما على كل الجبهات التي افتتحها وحاول النفادَ منها إلى تحقيق أهدافه في النهب والسيطرة، وفي التجزئة والتفتيت والفَدرلة من اليمن إلى العراق وصولاً إلى سورية، وتَصويباً مُستقبلياً على إيران وروسيا كان مُمكناً لو لا الإعجاز السوري.
العودة لافتتاح السفارات في دمشق، قرار الانسحاب الأميركي، تبادل الاتهامات الحامية في واشنطن، إعادة ترتيب البيت الوهابي في السعودية، انتخابات الكنيست المُبكرة ومُحاولات نتنياهو تصدير أزماته، وحالة المُراوغة المُستدامة التي يعيشها اللص أردوغان، هل هي إلا نتاج تراكم فشل مشاريع العدوان التي تبنتها هذه الأطراف؟.
إذا كان البعض يَتحسس من توصيف ما تَقدّم على أنه نتاج قوة ما أظهره الطرف المُستهدف كجزء مما يَكتنزه، دعونا نَكتفي بالقول إنها نتاج تراكم الفشل، ولكن من حق العالم أن يسأل: ثم ماذا؟ وإلى أين؟ وهل خيار التراجع والانكفاء يبدو واقعياً عند من يُنكر هزيمته وانتصار خصومه؟ أم أنه سيذهب للتَّحشيد افتتاحاً لمُواجهة أخرى ورفضاً لإقفال السابقة على النتائج الماثلة؟.
علي نصر الله
التاريخ: الأثنين 31-12-2018
رقم العدد : 16874