لنا مانرى، وأضيف ومنا ما نرى والواقع العسكري والسياسي هو المعيار وهو حامل الحقيقة في كل أحوال هذا الوطن والواقع هو الذي يحتضن المقدمات والمخرجات ثم يطلقها على هيئة تحولات ناصعة.
مازالت الشهادة والشهداء عنصر الحزم والحسم في كل ماتم إنجازه وفي كل مايتداوله الأعداء قبل الأصدقاء في هذه اللحظة ، والعناوين واضحة بل هي صادمة إذ هناك مشاريع استعمارية إرهابية قد تحطمت وهي في طور التلاشي وماهو مستقر على الأرض السورية من أشلاء العدوان هو مجرد حالات متناثرة وقابلية الاستمرار عندها هي من خلال وحدة الإرهاب مع السياسة الأمريكية ومع الغرب عموماً.
وهكذا جاء هذا الموعد الذي مازال حائراً حتى الآن بإعلان أمريكا بأنها سوف تنسحب من سورية وبأنها سوف تسلم زمام الأمور لأردوغان في تركيا بعهدة الأطماع التركية الطورانية القديمة والمستجدة في الوطن العربي السوري وغيره، وهناك حصة أرادها دونالد ترامب ان تتسلمها عائلة آل سعود تحت بند إعمار سورية وهناك في اتجاه ثالث أحتضان ودفع للكيان الإسرائيلي لكي يمارس دوره في الإرهاب وفي العدوان وفي كل مامن شأنه ان يعطل مسيرة التحرر والسيادة في سورية بطريقة خلط الأوراق وبأسلوب الهروب الى الأمام وهذا ماجسده الكيان الصهيوني في عدوانه الأخير على العاصمة دمشق وأكنافها تحت ذريعة ان هناك شحنات من المعدات العسكرية سوف تنقل الى حزب الله في الجنوب اللبناني من مطارات سورية ولبنان، وإذا ما أضفنا الى هذه اللوحة شديدة الإيحاء والتأثير هذا المدى من التسابق للعودة بالنظام السياسي العربي الى سورية وبالمحصلة عودة الجامعة العربية الى سورية في حين كان الرهان على أحد احتمالين فإما ان تتغير سورية وتلتحق بالموكب الرجعي الامبريالي الصهيوني وتنقطع عن قيمها ومبادئها وتغدر بأشقائها وحلفائها واصدقائها أعني المقاومة العربية وايران الإسلامية وروسيا الاتحادية أو ان هناك وراء الباب مباشرة الاحتمال الثاني الذي صاغوه جميعاً ووفروا له عناصر القوة الصماء والمال الحرام ووسائل الإعلام صاحبة الخبرة في التزييف والفبركات والخداع.
كان هذا هو مسار الخيار بين احتمالين مطروحين على سورية على مدى سنوات الصراع المريرة، ولكن المسألة كما في كل حقائق التاريخ لا تذهب ولا تُحسب بما يحشد له المعتدون والمعادون لسورية ويعلمون تماما كما نعلم من ذاتنا بأن الوطن السوري مباح امام العلم والسلم العالمي وتضامن الشعوب ولكنه بالتأكيد ليس مستباحاً لكي تبدو المسألة على انها قصيرة المدى وفي الفترة مابين التخطيط للمشروع الإرهابي والتدمير للوطن السوري، ويبدو ان عامل الأصالة والمشروعية واعتبارات المصير والكرامة التي يتقنها بجدارة الشعب العربي السوري لم تدخل في حسابات القوى المعادية ولاسيما بعد ان ضمنوا مشروعهم إسلاماً مبتدعاً وثقافة إسلامية ملتقطة من أمريكا لتزوير والتحجر والانغلاق على الذات وموجهة مباشرة للعقول المغيبة والأذهان الخاوية والقلوب المتحجرة من الداخل السوري او من المحيط القريب والبعيد حول سورية.
وهنا لابد ان نعود الى الاصل فقد دارت احوال من الصراع ومعارك في المواجهات هي على مستوى غير مسبوق لا في التاريخ القديم ولا في العصر الحديث، كانت اهدافهم كما هي الآن تتكثف بطريقة التقاطع والتوازي في منظومة واحدة وبخطوط متعددة على هدف اساسي كبير هو النظرة الى سورية باعتبارها عدوا مطلقا وعقبة امام المشروع الهمجي العالمي حيث لابد من ازالة هذا الموقف بطريقة التدمير النهائي للوطن السوري بما فيه من قيم وذاكرة تاريخية ومواقف مشهودة حتى هذه اللحظة ولاسيما المتصلة بالحق العربي وبالمصير العربي وبالقضية الفلسطينية وبمحاربة كل انواع العدوان والهيمنة العسكرية والسياسية والاقتصادية على العرب.
ومن المجدي والمفيد هنا ان نتذكر ونثبت امرين، الاول منهما هو ان المناهج والسياسات الغربية بالذات والاميركية على وجه الخصوص لا تتغير من جهة العداء لسورية والولاء المطلق لحساب الكيان الصهيوني وهكذا فإن اعلان دونالد ترامب الرئيس الاميركي الاشكالي بالانسحاب غير المحدد زمنياً حتى الآن يساوي تماما احضار قوة الاعتداء الاميركي والاوروبي على سورية، إنهم مجرمون وهم يعلنون الانسحاب تماماً على قدر ما هم مجرمون في اصول ومكونات استراتيجيتهم بخصوص الوطن السوري ويجب ألا نخدع بالحسابات الشكلانية والمواقف العابرة لأن اميركا عودتنا أن تخرج من الباب لتدخل من ابواب ونوافذ أخرى.
ألم نر في هذه الزيارة الاغتصابية للعراق الشقيق بهذا المنهج الكريه من التجاهل والصلف وعدم أخذ العراق بكل مافي العراق من عراقة ومشروعية وحق طبيعي الى ان جاء ترامب ليقول وفي زوايا القاعدة العسكرية في عين الأسد انه لن ينسحب من العراق وانه سوف يؤدي الدور والواجب كما يدعي من العراق نحو كل مايجري في سورية من احتمالات وتطورات صارت عناوينها وتجلياتها واضحة ولاسيما في هذه اللحظة .
حيث يدخل الجيش العربي السوري الى منبج وحيث ينهض الشعب العربي السوري بكل مكوناته وانتماءاته ليعلن ان لحظة الاستحقاق قد دنت واستقرت في الواقع ولابد من هزيمة المشاريع الأردوغانية والصهيونية والغربية في الشمال والشرق السوري، انها بالمحصلة لحظة تفصح عن نفسها بقوة وهي تتصدى لكل ما أعلنوه وما أضمروه ولهذا نعرف الآن كيف نفسر ونحلل هذا التهافت المتسارع طلباً للمجيء الى دمشق من واقع العدوان والإرهاب.
د: أحمد الحاج علي
التاريخ: الجمعة 4-1-2019
الرقم: 16876