لا يلقى قرار دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأميركية ردود فعل متجاوبة أو مساندة من الداخل الأميركي أو من جانب الجهات التي تدعم الصهيونية والكيان العدواني في فلسطين المحتلة، فإضافة إلى وزارة الدفاع الأميركية ووكالة المخابرات المركزية ورئاسة مجلس وزراء العدو الصهيوني ممن يهاجمون قرار الرئيس بسحب قوات بلاده من سورية خلال فترة لا تزيد عن أربعة أشهر تدخل مراكز الدراسات والبحوث لتقدم نصائحها المسمومة بعدم الانسحاب أو التريث والتمهل في تنفيذ هذا القرار على أقل تقدير فقد أشار ماثيو ليفيت مدير برنامج «ستاين» للاستخبارات ومكافحة الإرهاب -في دراسة بحثية إلى أن هذا الإجراء قد يترك آثاراً سلبية على هدف التخلص من الإرهاب والقضاء على تنظيم داعش خاصة في ظل التكاليف القليلة لتواجد تلك القوات في سورية والدور الذي تدعيه في حمايتها لقوات سورية الديمقراطية وغيرها من المجموعات المسلحة المرتبطة بالولايات المتحدة الأميركية وتتلقى دعماً عسكرياً وتسليحاً من جانب البنتاغون الأميركي، فما الذي يدفع مراكز البحوث للتبرع بتقديم دراسات وأبحاث تظهر الآثار السلبية لقرار الانسحاب؟ وهل ثمة جهات تقف خلف هذا العمل التطوعي؟
تدرك الولايات المتحدة الأميركية قبل غيرها من حكومات الاتحاد الأوروبي وتركيا والخليج العربي أن المشروع التآمري العدواني قد فشل بجميع تفاصيله وأن عليها الانتقال إلى مرحلة جديدة من التراجع عن الأساليب التي اتبعتها على مدى ثماني سنوات لم تحقق خلالها أياً من أهدافها الاستراتيجية وتدرك أن الاستمرار في الأسلوب القديم لا يعدو عن كونه خسارة ومضيعة للوقت والجهد والمال.
أما العدو الصهيوني باعتباره كان المستفيد الأكبر من العدوان التآمري، إذ يعتقد أن استمرار الصراع يصب في مصلحته ويضعف محور المقاومة المستنفر لمحاربة المجموعات الإرهابية مقدماً الكثير من مقدراته لتنفيذ هذه المهمة المقدسة، وباعتبار أن سورية وجيشها وشعبها كانت وما زالت العقبة أمام مشروعه في التطبيع وإقامة علاقات مباشرة مع حكومات عربية جديدة، فإن جل اهتمام العدو الصهيوني يتركز على إطالة أمد المواجهة إن لم يكن قادراً على ضمان استمرارها ريثما يستطيع استثمار ظروف تمكنه من استعادة مرحلة العدوان الشامل التي اعتادوا على تنفيذها كل فترة، وهم لم يستطيعوا الوصول إلى مرحلة يكونون فيها قادرين على تحقيق انتصار متوقع، لذلك فإن الكيان الصهيوني يبقى الجهة الأكثر حرصاً على وجود قوات أجنبية غازية على الأراضي السورية إضافة إلى دعم المجموعات الإرهابية المسلحة مباشرة أو من خلال التنسيق مع الحكومات الاستعمارية والرجعية التي تبنت ودعمت الإرهاب.
هذا هو السبب وتلك هي الدوافع لكن لحكومات دعم الإرهاب أجندات مرحلية مختلفة وهي تسير اليوم عكس ما كانت قبل ثمانية أعوام.
مصطفى المقداد
التاريخ: الأثنين 7-1-2019
رقم العدد : 16878