لتحســــين التغطيـــة الصحيـــة ومنــع الأوبئـــة.. استراتيجيات جديدة لمركز الرعاية الأولية لعام 2019
ما زرع سابقا نقطف ثماره اليوم، فالبرامج التي وضعتها وزارة الصحة منذ عشرات السنوات كان لها أساساً قوياً في دعم الصحة العامة والحماية من الأمراض والأوبئة خلال المرحلة الماضية، وقد أعلنت سورية أنها انتهت من شلل الأطفال منذ عام 1995 ليعود ليدخل إليها مرة أخرى عام 2013 عن طريق اكتشاف عدد من الحالات في المناطق الشمالية الشرقية.
وها هي اليوم تعود لتعلن من جديد أنها خالية من هذا الوباء نهائيا من خلال ورشة عمل أقامتها وزارة الصحة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية واليونيسيف احتفالا بالقضاء على الوباء بفترة قياسية لا تتجاوز 108 أيام، وبهدف وضع خطط واستراتيجيات العمل لعام 2019 بوجود جميع العناصر والعاملين والخبراء الصحيين من جميع المحافظات السورية.
العودة إلى النسب المرتفعة
كان الهم الأول للمجتمعين في هذه الورشة هو وضع خطة للعودة إلى النسب المرتفعة للتغطية والتحري في لقاحات الأطفال والوصول إلى النسبة التي كانت موجودة قبل الحرب والتي تفوق 95% على مستوى سورية. فقد أكد الدكتور فادي قسيس مدير مركز الرعاية الأولية في وزارة الصحة على أن المركز بالأساس ينفذ نوعين من الخطط: تشمل الخطة السنوية الدائمة وخطة الاستجابة الاسعافية لحالات الطوارئ التي قد تحدث، وفي هذا العام يطلقون خطتهم تحت شعار تحسين جودة خدمات الرعاية المقدمة ضمن المراكز الصحية سواء كان في مجال التغذية أو الصحة الإنجابية أو اللقاح وفي كل الأمور المتعلقة بذلك إلى جانب إعادة تأهيل البنية التحتية الصحية التي تعرضت للدمار خلال فترة الحرب على سورية، ومراعاة الاستجابة السريعة لأي منطقة يتم تحريرها من قبل الجيش العربي السوري، وذلك بهدف تحسين التغطية الصحية حتى لا يعود الوباء مرة أخرى.
مركزا للترصد البيئي
وأوضح قسيس وجود أكثر من توجه للرعاية الأولية تصب في تطوير استراتيجية التغذية والتحصين واستراتيجية الصحة الإنجابية لمدة ثلاث سنوات معا بعد أن كان العمل يتم ضمن خطة السنة الواحدة ويوجد عدة مسوحات قائمة منها مسح التغذية حول سوء التغذية عند الأطفال وهناك دراسة لنسبة وفيات الأطفال ما تحت سن الخمس سنوات وهي قيد الانجاز إلى جانب مرصد الترصد البيئي الذي يعتبر انجازاً كبيراً خلال فترة الحرب الذي افتتح عام 2017 حيث لدينا حاليا 14 عينة من عشر محافظات وحتى نهاية العام سوف يكون لدينا عينة في كل محافظة وسيكون لذلك دور كبير في التحري والترصد للأمراض التي قد تحدث على مستوى سورية.
وتحدث مدير مركز الرعاية الأولية عن وجود 1826 مركزا صحيا فيٍ الخدمة حاليا، بالوقت الذي يتم فيه تصنيف المراكز ووضع خطة لإعادة تأهيل للمراكز المدمرة سوء كانت بشكل كلي أم جزئي، ووضع خطط لتقديم المزيد من الخدمات الصحية ورفع سويتها.
لتشمل جميع الأطفال
كانت سورية من أول الدول الموجودة في المنطقة التي تبنت برنامج تلقيح وطني فقد أكدت الدكتورة رزان الطرابيشي رئيسة دائرة صحة الطفل ومديرة برنامج التلقيح الوطني في مديرية الرعاية الصحية الأولية أن برنامج التلقيح بدأ في سورية عام 1978 لستة لقاحات في ست محافظات وتطور البرنامج حتى وصل إلى 11 لقاحاً وشمل جميع الأراضي السورية في عام 1980.
مبينة أن البرنامج لا يشمل فقط الأطفال السوريين، وإنما يشمل جميع الأطفال الموجودين على الأراضي السورية من عمر أقل من خمس سنوات ضمن جدول عمل ينفذ من خلال زيارة الطفل إلى المراكز الصحية وأخذ اللقاحات اللازمة، ولأنه وبسبب الحرب هناك الكثير من المراكز خرجت عن الخدمة وهناك من ترك العمل في البرنامج وعليه يتم تقديم خدمة اللقاح بثلاثة طرق أساسية، الأول عن طريق المراكز الصحية وفق جلسات اللقاح المعروفة لدى الأهالي والثاني عن طريق جلسات خارج المركز بعد مراجعة البيانات في كل شهر ومعرفة الأماكن التي كانت فيها التغطية منخفضة فيكون لدينا فريق عمل خارج المركز لتقديم التلقيح، بالإضافة إلى الفرق الجوالة التي تقدم خدماتها للمناطق التي ليس فيها مراكز صحية وبعيدة عن المدن
9500 مشارك في حملات اللقاح
تتركز خطط الرعاية في عام 2019 على إيصال اللقاح إلى جميع الأطفال أينما وجدوا ومنع تسربهم وحمايتهم وعدم تركهم عرضة للأمراض أو الإعاقات المشمولة باللقاح، وقد بينت الطرابيشي أن عدد الأشخاص المشاركين في حملات اللقاح يصل إلى 9500 مشارك ، في حين يكون العدد في اللقاح الروتيني حوالي 4000 عنصر صحي يعمل بموضوع اللقاح، مشيرة إلى أن سورية كانت خالية تماما من فيروس شلل الأطفال على مدار سنوات طويلة جدا ولكن الفيروس عاد ليظهر في سورية عام 2013 بعد اكتشاف عدد من الحالات في دير الزور والرقة وهي وجدت في هذه المحافظات بسبب منع المسلحين الأهالي من أخذ أطفالهم إلى اللقاح ولان داعش عملت على تحريم اللقاح، فكان الأهالي يسعون ولو بالخفاء لتقديم اللقاح لأولادهم وهذا يدل على وعي الأسرة السورية لأهمية اللقاح في تحصين أطفالهم والثقة الكبيرة التي حصدها برنامج التلقيح الوطني لدى المواطن السوري من حيث نوعية اللقاحات المقدمة وخدمات القائمين عليها.
آخر حالة
إن وباء الشلل ينتقل عن طريق الماء الملوث أو الطعام الملوث وقد استطاع العاملون في حملات التلقيح توقيف الوباء منذ خمس سنوات خلال فترة لم تتجاوز ثلاثة أشهر وفي الوباء الثاني تم توقيفه خلال 16 شهراً حيث كانت الاستجابة سريعة وبحسب رئيسة دائرة صحة الطفل: كان تسجيل آخر حالة في سورية لشلل الأطفال عام 21/9/ 2017 ولكن ضمن استراتيجية عمل منظمة الصحة العالمية فإنه لإعلان أن هذا البلد خال من الوباء لا يكون إلا بعد مرور سنة على آخر حالة ولهذا أقيم الاحتفال اليوم بهذا الإعلان
دورات داعمة
الدكتورة لمياء أبو عجاج مديرة برنامج استئصال شلل الأطفال تحدثت إلى الثورة عن خطة العمل للبرنامج التي تقوم على تحديد أهدافها والعمل مع الأطفال ما دون 15 سنة من خلال ما يسمى شبكة ترصد تشمل المراكز الصحية والمشافي والعيادات الخاصة وتعمل كوحدات إبلاغ لتقديم معلومات إن كان هناك حالات إصابة أم لا، مبينة أن هذا الأمر يتم تحديده مع بداية السنة عن طريق التشبيك مع هذه الجهات والاطلاع على السجلات لمعرفة إن كان الإبلاغ يتم بشكل صحيح أم لا، وبناء عليه يتم تحديد عدد الأطفال المستهدفين ويتم وضع الخطة كاملة لتقديم الدعم لهم بعدها يتم تنفيذ برنامج تدريبي لبناء القدرات ورفع سوية العاملين في برامج الترصد من خلال دورات إعداد مدربين ودورات ترصد وممكن أن يكون لدينا دورات على مهارات التواصل بالإضافة إلى ندوات لرفع الوعي لدى أطباء القطاع الخاص أو المنظمات أو حتى المشافي وتعريفهم بكيفية الإبلاغ عن الحالات وأهمية اللقاح ونوعيته وكيف يتم التعامل معه وذلك على مستوى المحافظات.
18 مرصداً بيئياً
تأتي الدورات لدعم العاملين في هذا المجال بكل المعلومات الحديثة والمتطورة وكذلك لتعويض الفاقد من العناصر الصحية المدربة التي تسربت خلال فترة الحرب، فقد أشارت أبو عجاج إلى وجود 18 فرقة ترصد بيئي في المحافظات لمتابعة الوضع الصحي في كل منطقة عن طريق أخذ عينات وتقديمها إلى المخبر المعتمد في الوزارة،إذ تتضمن الخطة القادمة متابعة الأطفال القادمين من مناطق عالية الخطورة ويتم فحصهم للتأكد من عدم وجود فيروس الشلل كما تؤخذ عينات من الأطفال القادمين من خارج البلد من لبنان والأردن لأنه بالأساس الفيروس لم يكن موجودا في سورية قبل الحرب.
ميساء الجردي
التاريخ: الجمعة 11-1-2019
الرقم: 16882