الدعاية الانتخابية تسخن في الكيان الصهيوني لخطب ود المستوطن الصهيوني، وإشباع رغباته التي تصنعها له وتذكيها الزمرة الحاكمة الإسرائيلية بحيث تثير مخاوف المستوطنين بشأن أمنهم، بينما يقودون المنطقة إلى تصعيد كبير قد يحدث بأي لحظة، فرئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو الذي يريد التغطية على فساده لا ينفك يسوّق للعدوان على سورية، ويأتي إعلانه الأخير أو اعترافه بعدوان قامت به الطائرات الإسرائيلية ضد سورية ليحقق مكاسب ترفع من شعبيته بين صفوف المستوطنين العنصريين، ما اعتبره بعض ساسة الكيان الصهيوني ثرثرة خطرة.
إسرائيل الكيان المغتصب أهدافها التوسعية لم تنته، ومن يومها وهي التي تعتدي على سورية و على الفلسطينيين وأرضهم، ولكن الجديد التذرع بإيران وبوجود مستشاريها على الأراضي السورية من أجل العدوان.
فإذا كانت قد تراجعت كثافة تحليق طائرات التحالف الذي تقوده بنسبة 80 بالمئة منذ نشر بطاريات إس 300 في سورية فما حال الكيان الصهيوني الذي تتساقط كل صواريخه بفضل الدفاعات الجوية السورية، والذي لا تجرؤ طائرة حربية من طائراته اختراق الأجواء السورية؟ العبرة في أن نياته العدوانية قد أحُبطت جواً، وعلى الأرض هُزمت جماعته الإرهابية التي دعمها بعد أن ثبت له بالتجربة أن ليس بمقدوره شن حرب برية منذ عام 2006 وهزيمته على يد المقاومة في لبنان.
وأتت زيارة جنرالات من جيش الاحتلال الصهيوني لموسكو أمس في محاولة لإعادة الزمن إلى الوراء بغاية استئناف اعتداءاتهم الجوية دعماً للإرهابيين والإضرار بقوة سورية الحليفة لروسيا، مع التلويح ببيع طائرات حربية إسرائيلية من صنع أميركي لأوكرانيا نكاية بروسيا، فوصلت حماقة الطلب الإسرائيلي إلى الذروة، بدلاً من تقيد قادة الاحتلال بالقانون الدولي وإعادة الأراضي العربية المحتلة عام 1967 والاعتذار لروسيا بسبب إسقاط طائرة IL-20 الروسية بالقرب من القاعدة الجوية الروسية في حميميم بواسطة طائرات F-16 الإسرائيلي، قبل نشر الإس 300.
وربما فكرة الانسحاب الأميركي التي تنغص حال السياسات الأميركية ضد سورية كانت بسبب هذه المنظومة لأن سلاح الجو الأميركي بدا عاجزاً عن اجتياز الحاجز السوري المضاد للطائرات دون خسائر، علماً أن الاعتماد الأساسي لقوات التحالف الأميركي في العدوان على سورية وقصف المنشآت والمدنيين فيها بحجة محاربة داعش، تعتمد بشكل كلي على الطائرات الحربية، وأن قوات التحالف البرية لا تستطيع مجابهة الجيش العربي السوري والمقاومة براً، وأن سورية غدت أكثر من أي وقت مضى قادرة على تحرير أرضها من داعش وكل التنظيمات الإرهابية التي تدعمها دول حليفة لأميركا وإسرائيل وطرد كل الغزاة، وتوحيد أراضيها والقضاء على أي نوازع انفصالية لدى أي فصيل يتعامل مع أميركا والغرب.
وفي السياسة نرى الأعداء أنفسهم من خلال منابرهم الإعلامية يتدخلون في الشأن السوري، فيتحدثون عن حل سياسي لجعل الكفة تميل لمصلحتهم، كما الحديث عن فراغ سيتركه الانسحاب الأميركي من سورية، متناسين أن الشعب السوري هو صاحب الأرض وهو لديه حكومة منتخبة ترعى مصالحه، بينما اعتبرت تصريحات روسية أن أميركا ستماطل كثيراً قبل خروجها تحت حجج أن تركيا (حليفتها) تهدد ميليشيا قسد، وهي لعبة قذرة، أو ربما التذرع من جديد بأن داعش لم تنته أو أن في الخفاء يجري من جديد تجنيد عناصر إرهابية جديدة تنضوي تحت عباءة داعش من قبل الأطراف التي ترتبط بعلاقات مع التنظيمات الإرهابية التي حصلت طوال السنوات الماضية على دعم مالي ضخم مكنها من تخريب مدن سورية قبل أن تنجح سورية في هزيمة هذه التنظيمات، لكن السؤال هل يريد ترامب خلط الأوراق من جديد بخطوته هذه؟.
تم الكشف عن علاقات وتنسيق بين الجيش التركي وداعش، وكذلك دويلة قطر وأظهرت تقارير وصور عن تعاون بين الرئيس التركي وداعش في سحب البترول من مناطق نفوذ داعش بالعراق وسورية، علماً أن ولاء كل التنظيمات الإرهابية إن انسحبت أميركا سيكون لتركيا ومن ورائها إسرائيل وأدواتهما في المنطقة.
وتهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتدمير اقتصاد تركيا إن هي هاجمت الأكراد في سورية بعد انسحاب القوات الأميركية منها هو لذر الرماد في العيون ودعم المخطط الإسرائيلي والتركي وربما الفرنسي ما بعد انتصار الدولة السورية، وخاصة أن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان ينشط في المنطقة ضد سورية معتبراً شعب سورية لا يستطيع القيام بتقرير مستقبله على مبدأ رأي عصبة الأمم البائدة بعد الحرب العالمية الأولى التي عينت فرنسا محتلاً لسورية تحت اسم الانتداب أو الحماية وهو إيحاء شيطاني مع بداية عمل المبعوث الدولي الخاص إلى الشأن السوري، غير بيدرسون، وسنرى على ماذا برمجت الأمم المتحدة التي يتحكم بها الغرب (المبعوث الجديد).
فسياسة الإليزيه تعمم على دول في المنطقة وتبعث رسائل وخاصة خلال المؤتمر الصحفي للودريان الذي عقده مع وزير الخارجية الأردني منذ يومين، والغاية الترويج لبقاء التمهيد للقوات الفرنسية كقوات انتداب على جزء من سورية إن أمكن لفرنسا ذلك، حيث أورد حجج عدة تعني شيئاً واحداً: أنها مصممة على إطالة أمد الحرب في سورية من خلال ماتسميه (حلفاءها المحليين) وتريد استغلال الأكراد كما استغلتهم أميركا من قبل بجعل أمل كاذب يداعبهم، ويبعث فحواه رسائل بتعطيل المفاوضات بين قسد والدولة السورية، وذاك الأمل يعدّ طبعة جديدة لكردستان العراق بعد فشل تقسيم سورية، علماً أن فرنسا هي صاحبة فكرة المسألة الكردية التي بدأت منذ عهد الانتداب الفرنسي على سورية وهي السبب في سلخ لواء اسكندرون وإعطائه لتركيا، وها هي فرنسا تقدم على خطأ جديد إذ كانت تعتقد مقدرتها على الوقوف في مواجهة الدولة السورية التي فازت في واحدة من الحروب الأكثر تعقيداً في التاريخ وإذا كانت تعتقد أن عهد الاستعمار يمكن العودة إليه.
منير الموسى
التاريخ: الأربعاء 16-1-2019
رقم العدد : 16886