حين تضيق مساحات التفاؤل وتتقلص عناوين الفرح والسرور ،بادر إلى البحث عن أبواب جديدة وخلق مفاتيح مختلفة من الأمل،لاشك أن المهمة صعبة وليس من السهل الخروج منها في لحظاتها الأولى لكن بالمقابل لاشيء مستحيل أمام الإرادة .وحدها الارادة والعزيمة تبدد أوهام القنوط والاستسلام ،وتحرض النفس للخروج مما ألمّ بها من تعب ووهن وحزن.
صحيح أن بعضا أو كثيرا من المصائب والمصاعب و المآسي التي عاشها معظمنا تخر لها الجبال،وأن ظروف الحرب القاسية أقوى من أن يتحملها المرء صغيراً كان أم كبيراً.لكن الصحيح ايضا ان الكثير من المحن تختبر معادن الشعوب،وتظهر حقيقة الأشياء بألوانها وأحجامها ،بصدقها وكذبها،ايجابيتها وسلبيتها ،ملؤها وفراغها،خيرها وشرها،مسؤوليتها ولامبالاتها.توصيفات عديدة تلامس كل ما يخطر بالبال .
حتى التفاؤل في قاموس أيامنا هذه أصبح صناعة معنوية علينا استحضاره كلما ضاقت الروح وغصّت النفوس بأثقال حملها.. وهنا قد ينتقدنا البعض ونحن نطوف في تبرير غيوم الفقد والحسرة والبكاء على أطلال الأيام الغابرة بخلق لون للتفاؤل ..
فالحنين يلوذ دائما لأيام الأمان والسلام والوفرة بكل أنواع الخيرات .يوم كان قرض الخمسين ألفا و المائة ألف على سبيل المثال تنهض بنصف بناء البيت أو تكسي معظمه من الأثاث والمفروشات ،وغالبا ما كان عونا لشراء سيارة لم نكن نعلم انها لم تعد في قاموس الحاجيات من الكماليات بل أكثر من رغبة وضرورة للأسرة والعائلة.
ما تقدم لا يصب في خانة رفع المعنويات بقدر ما يكشف عن حقيقة شعب عربي سوري تفوق على ذاته في الصبر والصمود والتأقلم المر مع كل المتغيرات،حيث علم الآخر كيف تجترح الحلول ويزهر الأمل من قلب الألم والمواجع ،دون كسر أو تهشيم للخواطر بل جبر خواطر جميع النفوس التي أبت أن تكون إلا في مصافي الكبرياء والأصالة .
نحتاج لجو التفاؤل ولو بالأجزاء مهما غشي الضباب،وانتشرت مساحة السواد وضرب الفقر والحصار والفساد طوقه المتقلب.
فالشعب الذي كان على قدر عال من المسؤولية و سطر في خارطة الزمن وقائع وأحداث صنعها بعرق ودماء أبنائه لن يكون إلا بصمه مدوية بحجم وطن .
غصون سليمان
التاريخ: الأربعاء 30-1-2019
رقم العدد : 16897
السابق
التالي