بدأت الحرب وعمت الفوضى حتى وصلت الى الأدب وكان الشعراء خيالة المضمار فمن سيراهم وقد غطاهم الغبار وتساوت الحياة أمامهم؟ يتغزلون دون احساس ويكتبون مآسي الحرب بضياع يتلوه ضياع ينتقلون من سريالي الى واقعي الى رومانسي وتكاد تحلف ان أحدهم شرب حتى الثمالة ولم يعد يعرف أي اتجاه سوف يسلك.
الحرب بلا شك ضيعت الكثير وحرفت مسار البوصلة عن معظم القلوب الرقيقة التي كانت تتوق لتصعد منبرا وتشدو قصيدة, أو تتعب كثيرا لترفع من المستوى الفني لقصائدها لتحصل على موافقة من الوزارة او من دار نشر يبتغي رفع الذائقة الشعرية عند الناس ويهدف الى اعلاء اسمه عاليا ليبقى القارئ محترما كل كتاب يصدر عن هذه الدار, لكن خلال ثماني سنوات صعد الى منابر الشعر مئات الشعراء الجدد وطبع مئات آخرون كتبا مليئة بالأخطاء مقتربة من لغة التخاطب اليومي ومن المخجل تسميتها شعرا على مبدأ المتنبي عندما قال:
إذا كان مدحُ فالنسيبُ المُقدّمُ
أكلُّ فصيحٍ قال شعراً مُتيّمُ ؟
وليس كل من صعد منبرا ولا كل من طبع كتابا كان شاعرا.
وكان الرابح الأكبر في هذه الفوضى المقاهي التي كان ينشد فيها الشعر ويؤمها الاصحاب مما زاد في دخلها المادي اضافة الى دور النشر التي لم تشأ لأجهزتها أن تصدأ من قلة العمل فوضعتها تحت الطبع.
نحن لا نطالب بالمتنبي ولا بابن برد ولا بقباني وهؤلاء لم ترفعهم المقاهي ودور النشر الى مصاف الشعراء العظام.
بين هؤلاء عصور من التاريخ وتغير في البيئة وتحول في تفكير الاجيال وتغير كلي في المزاج العام. لم يستشر أحدهما الآخر فيما يكتب وبأي شيء يكتب وأي لون وأي لحن.
ولم تنطبق موسيقا أحدهم على الآخر لكن اجتمعت الذائقة الشعبية على رفع هذه الأسماء عاليا وتخليصها من عث الكتب الى الأبد دون ان تكون ناقدا فنيا لمستوى الشعر لكنه شعر ابتغى أهدافا وهفا الى مكامن الجمال وعزف على وتر الاحساس وامتلك اللغة الشعرية والايقاع الفني فكان خالدا بالرغم من اثبات:
أيدا المولي
التاريخ: الأحد 3-2-2019
الرقم: 16900