للحرب وجهان متناقضان وجه مظلم تحفره مخالب عدوان ظالم مجرم… ووجه آخر ترسمه أياد مُحبة ومقاومة وعقول نيّرة محفّزة متطلّعة لغد أجمل.
هكذا هم السوريون وعلى مرّ التاريخ وبالاعتماد على أخلاقهم وذكائهم وثقافتهم وحضارتهم ,فالأرض السورية منبع الحضارة وشعبها يحب الحياة , ويتطلع للتعليم الأفضل وللعمل الأكثر استقرارا والدخل الأكثر رضا ,والتأمين الاجتماعي الأكثر مصداقية, والخدمات الطبية والصحية بالمستوى الأعلى ,وظروف السكن الأكثر راحة , والبيئة الأجمل , ويأمل أن ينمو أطفاله بالواقع الأمثل ويتعلموا ويعيشوا بشكل أفضل. وبإصرار شعب قاوم الذبح من الوريد للوريد, فإنه لن يقبل فقط بإعادة إعمار ما تم هدمه وتخريبه بل يتطلع إلى بناء مستقبل أجمل مما كان.. وترتفع سماء أحلامه لبناء فوق أي مدينة مهدّمة.. مدينة نموذجية عصرية حضارية متكاملة أشبه بالمدينة الأفلاطونية من هنا تم الإعلان عن طرح مشروع المدينة الإنتاجية النموذجية المتكاملة والتي تعد الأولى من نوعها في الشرق الأوسط بمضمونها من /نسيج اجتماعي متطور – بناء اقتصادي يحاكي احتياجات المواطن السوري – أنظمة خدمية عصرية وفق أحدث الأساليب العلمية – بنية تحتية متطورة – طاقة مستدامة – تقنيات عالية/ وفق دراسة متكاملة وشاملة ومن خلال كوادر علمية مؤهلة وذات خبرة هندسية وفنية وتقنية حديثة.
نظام عصري بالطاقة الشمسية
كل الأطروحات والمداخلات التي تناولت بنية مدينة الزيتون سيتي تمحورت حول أنها عمل إبداعي ابتكاري يؤسس لإقامة مدن إنتاجية خارج المدن النظامية, تقام هذه المدينة في منطقة القلمون وتتكون من 30 ألف وحدة سكنية ومزارع للأبقار تصل ل/50 ألف/ رأس بقرة, ومعامل ألبان ومدارس ومعاهد وجامعات لكافة المراحل الدراسية ودوائر ومراكز خدمية وصحية وبنكية ومراكز اتصالات ومشافي على مساحة /1500/ هكتار.وتضم أربع شرائح سكنية متكاملة متباينة في المساحة وعدد الطوابق ومركز رجال أعمال ويلحق بها كافة المرافق العامة , فالمشرفون على هذا المشروع أعلنوا عن مدينة الزيتون أنها مدينة نموذجية سيجد فيها المواطن والمقيم والزائر والعامل أرقى الخدمات بأسلوب حضاري بعيد عن التعقيد والنمطية التقليدية وأنها جديدة ومختلفة في المظهر العمراني والمستوى الحضاري والسكاني أساسها الإنسان نفسه سواء كان مسؤولا أو مقيما أو منتجا.
وفي هذا السياق يقول الدكتور محمد سعيد الحلبي المستشار الاقتصادي للمشروع أن هذه المدينة العمرانية الحديثة ستقوم ولأول مرة بإبداع طرق للإنارة والتدفئة والحرارة بالطاقة الشمسية وسيكون نظام الصرف الصحي مثاليا ونظاميا , وستستخدم كل التقنيات والتكنولوجيا الحديثة في أدق التفاصيل لبناء البنى التحتية والمرافق في هذه المدينة, لتأسيس مشروع رائد تحذو حذوه بقية المناطق الأخرى.وبأقل التكاليف فالبيت الواحد لن تتجاوز تكلفته (10ملايين ليرة سورية) , وطرحت الشروط الأولية لسكان وقاطني المدينة فهم من المنتجين فقط ولا مكان لغيرهم في العيش فيها, وستبنى المدينة بتشاركية سورية أجنبية وبأيدي السوريين حصرا.
جاءت فكرة المشروع على ضوء الحاجة الملحّة والمطلب الرئيسي لمعظم السوريين في العيش بمناطق تتوفر فيها شروط المعيشة المريحة ,فبعد دراسات مستفيضة تناولت الأرض والمناخ ومصادر المياه والمساحات الرعوية ومناطق زراعة الأعلاف وقع الخيار على منطقة القلمون.وحسب ما أفاد الدكتور خالد سنيور رئيس لجنة البناء الإداري لتجمع سورية الأم فإن منطقة القلمون لاتزال (خام) وتربتها غنية وتضاريسها مثالية , ولكنها مهمشة, وهي تستحق كل الرعاية والاهتمام وتصلح لإقامة مزارع للأبقار ولزراعة الأعلاف وبناء وحدات سكنية وإنتاجية وخدمية وإدارية متكاملة وهي نموذج للمدينة الحلم التي يتمناها الجميع ويمكن تحقيقه عندما نريد والمقولة الشهيرة عندما نريد نستطيع والإمكانيات موجودة والسوريون أبدعوا في كل مكان وصلوا إليه وأحدثوا فرقا وتقدما في أي مجال عملوا به.
إذا توفرت الإرادة
إن الواقع الاجتماعي والسكني والمعيشي والذي فقد فيه السوريون الكثير خلال الحرب تتطلب إيجاد حلول لمشاكلهم بأسلوب عصري وتقني فأتت فكرة مدينة / زيتون سيتي / أو مدينة الأحلام كما سماها بعضهم وهي نواة انطلاقة حقيقية للسير نحو بناء دولة عمرانية متطورة حديثة ترتقي بمرافقها وخدماتها إلى آخر ما توصل إليه الفن المعماري والعلم الهندسي في فن البناء, وهو ما يؤكده الدكتور محمود العرق رئيس تجمع سورية الأم أن مدينة الزيتون مشروع يمكن تحويله من حلم إلى حقيقة في حال توفرت الإرادة والتصميم على بناء الدولة السورية الحديثة وإعادة إعمارها وفق أحدث الطرق والمقاييس العالمية , والانتصار الذي حققه هذا الشعب يستحق حياة إنسانية في مدن عصرية مريحة..تليق بهذا الصمود والصبر والتحدي , على أرض عمّدها الشهداء بدمائهم وتضحياتهم. ويضيف أن العزيمة إن وجدت حوّلت الحلم إلى حقيقة وكلنا مدعوون إلى بناء هذه المدينة ومثيلاتها.
ثمة سؤال تبادر إلى الأذهان عندما طًرح مشروع المدينة ..لمَ سميت مدينة الزيتون ..دون غيره..؟ فكانت الإجابة من الدكتور محمود العرق: الزيتون شجرة مباركة في أرض الشام المباركة…والزيتون شجرة منتشرة في بلدنا ومنتشرة في القلمون أيضا وزارعتها حرفة رئيسية هناك ومناطق زراعتها متاخمة لمدينة الزيتون والتي سيكون من ضمن إنتاجها معاصر الزيتون ومخلفاته. إنها مدينة الخضرة والجمال والسلام والاكتفاء.
ثناء أبو دقن
التاريخ: الأحد 3-2-2019
الرقم: 16900